جدد مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية مطالبته للسلطات الأمريكية خاصة سلطة الضرائب باتخاذ إجراءات ضد مواطنين أميركيين يمولون الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية المحتل، ويستولون على عقارات مواطنين مقدسيين من خلال عمليات تمويل ضخمة لهذه المشاريع يرصد لها سنويا أكثر من 100 مليون دولار تقتطع من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين.
ونوه مركز القدس في تقرير خاص لوحدة البحث والتوثيق في المركز إلى أن مشاريع البناء الاستيطاني الأخيرة، ومن ضمنها بناء حيين استيطانيين جديدين في جبل الزيتون وشعفاط تمول من قبل المليونير الأمريكي اليهودي ايرفينغ موسكوفيتش والذي يدير عشرات من صالات القمار في الولايات المتحدة، ويعمل هناك تحت غطاء مؤسسات وجمعيات تمول مشاريع خيرية في مجالات التعليم والصحة يزعم أنها توجه لمؤسسات أكاديمية ومراكز صحية في إسرائيل، في حين أن عشرات ملايين الدولارات التي تحول من قبل موسكوفيتش، توجه إلى مسار آخر مختلف تماما، وهو تمويل بناء تجمعات استيطانية يهودية في القدس الشرقية، والاستيلاء على عشرات العقارات من أصحابها الفلسطينيين بوسائل الغش والخداع.
وأشار التقرير إلى أن الحي الاستيطاني اليهودي الذي أقيم في قلب رأس العمود والمسمى معاليه هزيتيم، وكذلك الحيين الاستيطانيين المنوي بناؤهما في جبل الزيتون وشعفاط ممولة جميعها من قبل موسكوفيتش، إضافة إلى ثلاثة أحياء استيطانية أخرى جار التحضير لبنائها في الشيخ جراح في منطقة كرم المفتي، وعلى سفوح جبل المكبر، والناحية الغربية من بلدة أبو ديس المطلة على سلوان وجبل المكبر، كما أن أموال موسكوفيتش المعفاة من الضرائب تغذي وجود أكثر من 70 بؤرة استيطانية في البلدة القديمة من القدس، وما يزيد عن 30 بؤرة أخرى في سلوان، وجبل الزيتون والشيخ جراح، عدا عن تمويله لبرامج الجمعية الاستيطانية المسماة عطيرت كهانيم والتي تتخذ من عقبة الخالدية في القدس القديمة مقرا لها برئاسة متتياهو دان المعروف بالذراع التنفيذية لموسكوفيت، والذي يقف شخصيا وراء الاستيلاء على عشرا بيوت المقدسيين.
ووفقا لذات التقرير، فإن موسكوفيتش الذي تمكن من السيطرة على مقر ما يسمى بقيادة اللواء الجنوبي في الشرطة الإسرائيلية في حي رأس العمود كان مول قبل أعوام قليلة بناء مقر كبير للشرطة على أراضي العيسوية قرب الخان الأحمر بدلا من مقرها القديم التي نقلت السيطرة عليه إلى الإدارة الاستيطانية التي يشرف عليها موسكوفيتش والتي تتمتع بقدرات مالية وتنفيذية هائلة، عدا نفوذها الواسع لدى الدوائر الرسمية الإسرائيلية خاصة وزارتا البناء والإسكان والداخلية وبلدية الاحتلال في القدس، ودائرة الطابو.
في أحياء شعفاط، وضاحية السلام، وصولا الى منطقة كفر عقب شمال القدس، حيث أثيرت مؤخرا ادعاءات بملكية يهود لأراض في هذا الحي مقامة عليها عشرات منازل المقدسيين.
وكان موسكوفيتش شارك في تمويل شق وبناء نفق البراق أسفل المسجد الأقصى في عام 1996، وكان افتتاح النفق هذا سببا في اندلاع مظهرات وصدامات عنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أوقعت 70 قتيلا في صفوف الفلسطينيين و12 قتيلا إسرائيليا.
وأشار التقرير كذلك إلى أن الأمر لا يتوقف عند موسكوفيتش لوحده بل أن هناك عشرات الأمريكيين من أصول يهودية باتوا يضخون عشرات الملايين من دولاراتهم لشراء عقارات وبيوت لهم في القدس بشطريها الشرقي والغربي وحتى في قلب مدينة الخليل بينهم أعضاء في الكونغرس الأمريكي كانوا حضروا نهاية العام المنصرم إلى القدس وشاركوا في فعاليات لجمعيات الاستيطان اليهودي في الشيخ جراح، وصدرت عنهم تصريحات تدعو إلى تكثيف الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية المحتلة.
وكان تقرير أصدرته وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس ونشر أواسط العام المنصرم حذر السلطات الأمريكية من استمرار تغاضيها عن قيام أميركيين يهود من رعاياها بتمويل البناء الاستيطاني اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة مستغلين الاعغاءات الضريبية التي يحصلون عليها، وامتناع تلك السلطات عن محاسبتهم.
وجاء في التقرير أن مساهمة مواطنين أميركيين أمثال موسكوفيتش في تمويل المستوطنات الإسرائيلية لا تقتصر على المعارضة المباشرة لسياسة الولايات المتحد الرسمية فحسب، بل أن الكثير من الهبات تحسم من الضرائب وترسل عمدا لتمويل البناء الاستيطاني في مناطق تعتبرها الولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي خاضعة للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي.
منوها كذلك إلى تقرير أصدره صندوق النقد الدولي في وقت سابق والذي ورد فيه أن الهبات التي تصل إلى إسرائيل من مختلف أنحاء العالم بلغت مليار دولار سنويا، و70% منها يأتي من الولايات المتحدة، كما أن الأموال المرسلة إلى إسرائيل غالبا ما تصل إلى مؤسسة الاستيطان من دون علم المانحين، منوها الى مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست" للكاتب ديفيد أغيانتيوس في نيسان الماضي يقول فيه :" غالبا ما تحدد الجمعيات الخيرية ألأميركية أن هباتها تذهب إلى الجمعيات الخيرية في إسرائيل، رغم أن المتلقين هم في الضفة الغربية التي تعتبرها الولايات المتحدة مناطق محتلة. مثلا أعلنت جمعية الأصدقاء الأميركيون لكلية يهودا والسامرة أن منحها تهدف إلى تأمين المال لتعزيز المؤسسات التعليمية في إسرائيل والاستجابة لحاجاتها، رغم أن الكلية تقع في مستوطنة أرئيل المقامة على أراضي المواطنين الفلسطينيين قرب نابلس".
في حين تشير تقارير أخرى إلى إرسال هبات إلى "هيلون موري إسرائيل"، و"غوش ايتزيون إسرائيل"، و"فرناي شمرون إسرائيل"، ,"أفرات إسرائيل"و "بات عاين إسرائيل"، وجميعها منظمات وجمعيات تقع في مستوطنات بالضفة الغربية اشتهر مستوطنوها بالسيطرة على أراضي مواطنين فلسطينيين وتجريدهم منها، بل والاعتداء العنيف على أراضي هؤلاء المواطنين.
ويقول إغنانتيوس أن التدقيق في سجلات خدمة المدخول الداخلي ( مصلحة الضرائب) حددت 28 منظمة وجمعية أميركية أخرى قدمت 33,4 مليون دولار كهبات لا تشملها الضرائب للمستوطنات والمنظمات المتعلقة بها بين عامي 2004 و 2007.
وكانت منظمة "عير دافيد" وهي إحدى المنظمات الاستيطانية الرائدة في تهويد القدس الشرقية المحتلة وبحسب الوثيقة 990 من سجلات مصلحة الضرائب الأميركية جمعت 8,7 مليون دولار عام 2004،و1,2 مليون دولار عام 2005، و2,7 مليون دولار عام 2006.
وبحسب مصلحة الضرائب، فإن الهدف الأساسي لمنظمة عير دافيد في تفاديها لدفع الضرائب هو:" إنشاء صندوق خيري لتقديم المساعدة المالية وغيرها من الخدمات لصالح الشعب اليهودي في مدينة القدس القديمة يشمل: تعليم تاريخ مدينة القدس المذكوة في الإنجيل وآثارها، ومساعدة ودعم التعليم، وإيواء العائلات وإعادة بناء الممتلكات المدمرة".
وتعني عبارة "إعادة بناء الممتلكات المدمرة" العقارات التي تستولي عليها منظمات الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية المحتلة من أصحابها الفلسطينيين بوسائل التزوير والخداع.
وقد أكد تقرير نشرته خدمة الأبحاث في الكونغرس الأمريكي عام 2005 أن الولايات المتحدة تنص على أن المساعدات الأميركية المقدمة لا يمكن استخدامها في الأراضي المحتله، في حين أن قوانين الضرائب الأميركية لا تستثني الهبات المقدمة لنشاطات سياسية مثل المستوطنات. ولتجاوز هذه العقبة قامت إسرائيل بفصل المنظمة الصهيونية العالمية عن الوكالة اليهودية شبه الحكومية، وهو ما سمح للمانحين بضخ الأموال إلى المستوطنات من دون خسارة حق الإعفاء الضريبي في حين أن المنظمتان لا تزالان تعملان تحت المظلة نفسها، ومع المسئولين أنفسهم، والإدارات أنفسها أيضا، كما يقول ديفيد نيومان وهو عالم سياسي في جامعة بن غوريون.
ويستفاد مكن دراسة أخرى أعده معهد الشرق الأوسط بان المصادر الأساسية للتمويل الخاص لإسرائيل هي الجمعيات الخيرية اليهودية الكبرى، ومنها : النداء اليهودي المتحد"، لكن مبالغ مهمة أخرى تنقلت عبر مؤسسات أصغر، خاصة أن جمعية خيرية يعترف بها القانون الإسرائيلي غير خاضعة للضرائب في الولايات المتحدة بموجب قانون الإيرادات الداخلية، وهذا امتياز لا يمنح للدول الأجنبية الأخرى.
ووفقا لمعطيات دونها المؤرخ الشرق الأوسطي خوان كول على مذكرته، فإن ربع مستوطني الضفة الغربية حاليا ومجموعهم نجو 100 ألف هم أميركيون شماليون كانوا انتقلوا للعيش في الضفة الغربية، جزء مهم منهم يقطن في مستوطنات اشتهرت بتطرف مستوطنيها مثل البلدة القديمة من الخليل، وكريات أربع، وتفوح قرب نابلس.
وقد كتب ستيفن زونس البروفيسور في جامعة سان فرانسيسكو :" أمضيت بعض الوقت مع هؤلاء المهاجرين الأميركيين الذين يتبجحون بقدراتهم على إبقاء العرب على الخط. أنهم يتجولون في المدينة موجهين أسلحتهم إلى المارة ويضحكون ".
وأفاد دينيس فوكس وهو مواطن أمريكي هاجر إلى إسرائيل في السبعينيات من القرن الماضي، ثم عاد إلى الولايات المتحدة أن المستوطنين الذين هاجموا ناشطي سلام أميركيين كانوا يرافقون أطفالا فلسطينيين من المدرسة في الخليل، كانوا يتحاورون بالإنجليزية حين أطلقوا النار ثم هربوا".
يذكر أن باروخ غولدشتاين الطبيب الأمريكي من أصل يهودي قتل في العام 1994 في مجزرة الحرم الإبراهيمي 29 فلسطينيا بينما كانوا يؤدون صلاة الفجر، وهو واحد من أميركيين كثيرين انتقلوا من الولايات المتحدة للعيش في المستوطنات اليهودية تاركين خلفهم حياة رغدة، تحركهم مشاعرهم الدينية ومطالبات يهودية بإسرائيل الكبرى.
ووفقا لدراسة أعدها ديفيد نيومان عام 1985، فإن ما نسبته 10 الى 15% من المستوطنين في الضفة الغربية هم أميركيون.
بينما يقدر زونس أن ما بين ثلث ونصف مستوطني الخليل ليوم هم من الأميركيين، وشارك كثيرون منهم في احتلال بيوت الفلسطينيين في القدس والخليل، وبناء بؤر استيطانية غير شرعية.
والواقع أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تشجيع توطين هؤلاء الأميركيين الشماليين في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية، وتقدم الوكالة اليهودية شبه الحكومية مساعدات مالية للمهاجرين المنتقلين للسكن في مستوطنات الضفة الغربية مثل مستوطنة أرئيل، كما يظهر على الموقع الالكتروني للوكالة في الإعلان التالي:
"بين التلال المسيجة وأشجار الزيتون المعمرة في قلب إسرائيل المذكورة في الإنجيل، تقع مدينة أرئيل المزدهرة. تأسست عام 1978 بعد عمل استغرق حوالي 30 عاما لتتحول إلى مدينة تستحق الاهتمام ".
إن العلاقة بين الجمعيات الخيرية الأميركية والاحتلال الإسرائيلي علاقة قديمة وممتدة الى مستهل الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كانت كثير من الهبات والمساعدات المالية التي تجمعها تلك الجمعيات تذهب إلى بناء المستوطنات اليهودية، وكانت هذه الجمعيات على الدوام تنتهك القانون الأمريكي الخاص بعمل الجمعيات الخيرية، وبالرغم من ذلك لم تتخذ خطوات رادعة ضد هذه الجمعيات من قبل الأوساط القضائية والرسمية الأميركية.
فقد فشلت دعوى قضائية تقدم بها أميركيون وفلسطينيون وإسرائيليون عام 1984 ضد إعفاء ست جمعيات خيرية أميركية من الضرائب وهي: الصندوق الوطني اليهودي، الوكالة اليهودية في أميركا، المنظمة الصهيونية العالمية، النداء اليهودي المتحد، النداء الإسرائيلي المتحد، وأميركيون من أجل إسرائيل آمنة.
وقام معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط وهو منظمة تركز على التداخل بين السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط وتطبيق القانون بتوثيق قضية الجمعيات التي تنتهك السياسة الأمريكية كما القانون الدولي، وقدم المعهد عرائض لحرية قانون المعلومات للحصول على معلومات حول نشاطات الجمعيات مع مصلحة الضرائب الأميركية، واستخدمت السجلات إضافة إلى شهادات عيان حول استخدام الهبات لإعلام وزارتي العدل والمالية الأميركيتين، كما قدم الملف إلى المدعي العام في نيويورك في دعوى قضائية لم يتم الرد عليها بدعوى أن المعلومات التي قدمت تخضع للدراسة.
وتظهر وثائق مصلحة الضرائب الأميركية ذاتها، وكذلك تحقيقات تلقاها معهد الأبحاث أنه تم تبييض الأموال لتمويل الاحتلال، من ذلك قيام رجل أعمال وعضو في اللوبيات الإسرائيلي جاك ابراموف الذي حكم بالسجن لأربع سنوات في العام المنصرم بتبييض الأموال إلى المؤسسة المالية للرياضة التي تمول بيتار عيليت غير الشرعية، كما تبتاع الأسلحة والبنادق للمستوطنين".
ووفقا لتقرير أعده المعهد الأمريكي المذكور، فإن جميع الأموال الآتية من الولايات المتحدة لا تصل لتمويل المستوطنات غير الآمنة من تبييض الأموال، علما بأن عددا كبيرا من المنظمات تجمع الأموال والهبات علنا لتمويل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ومعظم الجمعيات تقدم هذه النشاطات إلى مصلحة الضرائب على أنها "نشاطات تثقيفية"،فيما آخرون من أمثال مؤسسة صندوق إسرائيل واحدة في سيديرهيرست تقول بصراحة أنها تمول نقل المستوطنات الإسرائيلية وتسليحها، والترويج لها في الأراضي الفلسطينية.
وتضم هذه الجمعيات أصدقاء إسرائيل المسيحيين، والأصدقاء الأميركيون لجامعة يهودا والسامرة، ومؤسسة صندوق إسرائيل واحدة. واللافت في نشاط هذه الجمعيات والمنظمات الأميركية اليهودية هو مقدار الحماية والحصانة التي تتمتع بها رغم عدم قانونية كثير من نشاطاتها، وانتهاكها الفظ للقوانين ألأميركية وحتى مخالفتها للسياسات العامة للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة باراك اوباما فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني والإسرائيلي والموقف من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، إلى درجة أن نفوذ هذه الجمعيات وتأثيرها امتد إلى وزارة المالية ومصلحة الضرائب الأميركيتين المسئولتان عن مراقبة ومتابعة نشاطات الجمعيات والمنظمات العاملة في الأراضي الأميركية، حيث رفضتا طلبا تقدم به معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومات لمعرفة ما قانونية نشاطات تلك الجمعيات، إلا أن وزارة المالية رفضت الطلب بموجب قانون السرية المصرفية، فيما تذرعت مصلحة الضرائب بقوانين الخصوصية ورفضت التعليق. وفي هذا يقول غرانت سميث مدير المعهد:"إنهم يتسترون عن الحقيقة في كل المواضيع.
إنها مواجهة بين قوى التمويل ( الاحتلال) والسياسات الأميركية الرسمية". ويضيف:" إن وزارة المالية ضمت جهودها إلى الاستخبارات الإرهابية والمالية التي تأسست بعد 11 أيلول (سبتمبر) لمهاجمة المنظمات الإسلامية، وهي ترفض ملاحقة الجمعيات المسيحية واليهودية التي تساهم في الصراع الشرق أوسطي، وهي غير شفافة في التعامل".
وتؤكد معطيات المعهد الأمريكي بهذا الشأن ما ورد في تحقيق نشرته صحيفة "هارتس" الإسرائيلية في عددها الصادر يوم 17 آب 2009 حول سياسة الخداع التي تمارسها الجمعيات اليمينية الإسرائيلية للسلطات الأميركية، وجمعها ملايين الدولارات لدعم الاستيطان.
ويتطرق التحقيق تحديدا إلى جمعية عطيرات كهانيم التي تعمل على إسكان مستوطنين يهود في القدس الشرقية والاستيلاء على أراض ومنازل فلسطينية من خلال ملايين الدولارات التي تأتيها من متبرعين أميركيين، وعبر ما يعرف ب "منظمة الأصدقاء الأميركيين من أجل عطيرات كهانيم" المسجلة في الولايات المتحدة كمؤسسة غير ربحية تعمل لأهداف تعليمية.
ووفقا لقانون الضرائب ألأمريكي فإن المؤسسة غير الربحية من المفروض أن تعمل لأهداف مثل التعليم، الدين، الدعم الاجتماعي، لكن من المحظور عليها العمل من أجل دعم آراء ومواقف سياسية
، علما بان جمعية "عطيرات كهانيم" تتمتع بامتيازات ضريبية مختلفة، ما مكنها من تجنيد ملايين الدولارات واستخدامها في شراء أراض وعشرات المباني في القدس الشرقية المحتلة وإسكانها بعائلات يهودية بعد طرد أصحابها الفلسطينيين منها.
وتنقل الصحيفة عن دانيال لوريا رئيس مجلس أمناء والمدير الفعلي لعطرات كوهانيم قوله إن تسجيل الجمعية في الولايات المتحدة كعاملة في مجال التعليم ناجم عن اعتبارات ضريبية. وأضاف:" لدينا جمعية أصدقاء عطيرات كهانيم" العاملة في الولايات المتحدة في مكتب صغير وبسيط وأتوجه كل عدة أشهر إلى الولايات المتحدة لجمع الأموال، وكل شيء يمر عبر مكتبنا الذي لا تعترف به سلطات الضرائب هناك...نحن الجمعية الرئيسية التي تعمل على إنقاذ الأراضي.. الأعمال في نيويورك تستهدف فقط إنقاذ الأراضي." ويتابع:" 60% من نشاطاتنا تمر عبر الولايات المتحدة، وقدم التقرير الأخير للمنظمة عام 2008 و 2007، إذ تم التبرع للمنظمة بمبلغ 2,1 مليون دولار ونقل في ذلك العام لجمعية عطيرت كهانيم مبلغ 1,6 مليون دولار، أما باقي المبلغ فقد استخدم لإقامة حفلات التبرع ولدفع مصاريف مختلفة وأجور بمبلغ 80 ألف دولار دفعت للمديرة التنفيذية للمنظمة وهي نائبة الرئيس شوشانا هيكيند زوجة دوف العضو في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية نيويورك والمؤيد المتلهف لليمين في إسرائيل.
وجمعت المنظمة في السنوات الأخيرة ملايين الدولارات،وذلك على النحو التالي: 1,3 مليون دولار في العام 2006، و900 ألف دولار عام 2005، وحوالي مليوني دولار عام 2004. ومن بين المتبرعين الكبار للمنظمة المليونير اليهودي الأمريكي إيرفينغ موسكوفيتش الذي يملك حاليا فندق شبرد في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة بعد الاستيلاء عليه.
ونوه مركز القدس في تقرير خاص لوحدة البحث والتوثيق في المركز إلى أن مشاريع البناء الاستيطاني الأخيرة، ومن ضمنها بناء حيين استيطانيين جديدين في جبل الزيتون وشعفاط تمول من قبل المليونير الأمريكي اليهودي ايرفينغ موسكوفيتش والذي يدير عشرات من صالات القمار في الولايات المتحدة، ويعمل هناك تحت غطاء مؤسسات وجمعيات تمول مشاريع خيرية في مجالات التعليم والصحة يزعم أنها توجه لمؤسسات أكاديمية ومراكز صحية في إسرائيل، في حين أن عشرات ملايين الدولارات التي تحول من قبل موسكوفيتش، توجه إلى مسار آخر مختلف تماما، وهو تمويل بناء تجمعات استيطانية يهودية في القدس الشرقية، والاستيلاء على عشرات العقارات من أصحابها الفلسطينيين بوسائل الغش والخداع.
وأشار التقرير إلى أن الحي الاستيطاني اليهودي الذي أقيم في قلب رأس العمود والمسمى معاليه هزيتيم، وكذلك الحيين الاستيطانيين المنوي بناؤهما في جبل الزيتون وشعفاط ممولة جميعها من قبل موسكوفيتش، إضافة إلى ثلاثة أحياء استيطانية أخرى جار التحضير لبنائها في الشيخ جراح في منطقة كرم المفتي، وعلى سفوح جبل المكبر، والناحية الغربية من بلدة أبو ديس المطلة على سلوان وجبل المكبر، كما أن أموال موسكوفيتش المعفاة من الضرائب تغذي وجود أكثر من 70 بؤرة استيطانية في البلدة القديمة من القدس، وما يزيد عن 30 بؤرة أخرى في سلوان، وجبل الزيتون والشيخ جراح، عدا عن تمويله لبرامج الجمعية الاستيطانية المسماة عطيرت كهانيم والتي تتخذ من عقبة الخالدية في القدس القديمة مقرا لها برئاسة متتياهو دان المعروف بالذراع التنفيذية لموسكوفيت، والذي يقف شخصيا وراء الاستيلاء على عشرا بيوت المقدسيين.
ووفقا لذات التقرير، فإن موسكوفيتش الذي تمكن من السيطرة على مقر ما يسمى بقيادة اللواء الجنوبي في الشرطة الإسرائيلية في حي رأس العمود كان مول قبل أعوام قليلة بناء مقر كبير للشرطة على أراضي العيسوية قرب الخان الأحمر بدلا من مقرها القديم التي نقلت السيطرة عليه إلى الإدارة الاستيطانية التي يشرف عليها موسكوفيتش والتي تتمتع بقدرات مالية وتنفيذية هائلة، عدا نفوذها الواسع لدى الدوائر الرسمية الإسرائيلية خاصة وزارتا البناء والإسكان والداخلية وبلدية الاحتلال في القدس، ودائرة الطابو.
في أحياء شعفاط، وضاحية السلام، وصولا الى منطقة كفر عقب شمال القدس، حيث أثيرت مؤخرا ادعاءات بملكية يهود لأراض في هذا الحي مقامة عليها عشرات منازل المقدسيين.
وكان موسكوفيتش شارك في تمويل شق وبناء نفق البراق أسفل المسجد الأقصى في عام 1996، وكان افتتاح النفق هذا سببا في اندلاع مظهرات وصدامات عنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أوقعت 70 قتيلا في صفوف الفلسطينيين و12 قتيلا إسرائيليا.
وأشار التقرير كذلك إلى أن الأمر لا يتوقف عند موسكوفيتش لوحده بل أن هناك عشرات الأمريكيين من أصول يهودية باتوا يضخون عشرات الملايين من دولاراتهم لشراء عقارات وبيوت لهم في القدس بشطريها الشرقي والغربي وحتى في قلب مدينة الخليل بينهم أعضاء في الكونغرس الأمريكي كانوا حضروا نهاية العام المنصرم إلى القدس وشاركوا في فعاليات لجمعيات الاستيطان اليهودي في الشيخ جراح، وصدرت عنهم تصريحات تدعو إلى تكثيف الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية المحتلة.
وكان تقرير أصدرته وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس ونشر أواسط العام المنصرم حذر السلطات الأمريكية من استمرار تغاضيها عن قيام أميركيين يهود من رعاياها بتمويل البناء الاستيطاني اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة مستغلين الاعغاءات الضريبية التي يحصلون عليها، وامتناع تلك السلطات عن محاسبتهم.
وجاء في التقرير أن مساهمة مواطنين أميركيين أمثال موسكوفيتش في تمويل المستوطنات الإسرائيلية لا تقتصر على المعارضة المباشرة لسياسة الولايات المتحد الرسمية فحسب، بل أن الكثير من الهبات تحسم من الضرائب وترسل عمدا لتمويل البناء الاستيطاني في مناطق تعتبرها الولايات المتحدة، والإتحاد الأوروبي خاضعة للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي.
منوها كذلك إلى تقرير أصدره صندوق النقد الدولي في وقت سابق والذي ورد فيه أن الهبات التي تصل إلى إسرائيل من مختلف أنحاء العالم بلغت مليار دولار سنويا، و70% منها يأتي من الولايات المتحدة، كما أن الأموال المرسلة إلى إسرائيل غالبا ما تصل إلى مؤسسة الاستيطان من دون علم المانحين، منوها الى مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست" للكاتب ديفيد أغيانتيوس في نيسان الماضي يقول فيه :" غالبا ما تحدد الجمعيات الخيرية ألأميركية أن هباتها تذهب إلى الجمعيات الخيرية في إسرائيل، رغم أن المتلقين هم في الضفة الغربية التي تعتبرها الولايات المتحدة مناطق محتلة. مثلا أعلنت جمعية الأصدقاء الأميركيون لكلية يهودا والسامرة أن منحها تهدف إلى تأمين المال لتعزيز المؤسسات التعليمية في إسرائيل والاستجابة لحاجاتها، رغم أن الكلية تقع في مستوطنة أرئيل المقامة على أراضي المواطنين الفلسطينيين قرب نابلس".
في حين تشير تقارير أخرى إلى إرسال هبات إلى "هيلون موري إسرائيل"، و"غوش ايتزيون إسرائيل"، و"فرناي شمرون إسرائيل"، ,"أفرات إسرائيل"و "بات عاين إسرائيل"، وجميعها منظمات وجمعيات تقع في مستوطنات بالضفة الغربية اشتهر مستوطنوها بالسيطرة على أراضي مواطنين فلسطينيين وتجريدهم منها، بل والاعتداء العنيف على أراضي هؤلاء المواطنين.
ويقول إغنانتيوس أن التدقيق في سجلات خدمة المدخول الداخلي ( مصلحة الضرائب) حددت 28 منظمة وجمعية أميركية أخرى قدمت 33,4 مليون دولار كهبات لا تشملها الضرائب للمستوطنات والمنظمات المتعلقة بها بين عامي 2004 و 2007.
وكانت منظمة "عير دافيد" وهي إحدى المنظمات الاستيطانية الرائدة في تهويد القدس الشرقية المحتلة وبحسب الوثيقة 990 من سجلات مصلحة الضرائب الأميركية جمعت 8,7 مليون دولار عام 2004،و1,2 مليون دولار عام 2005، و2,7 مليون دولار عام 2006.
وبحسب مصلحة الضرائب، فإن الهدف الأساسي لمنظمة عير دافيد في تفاديها لدفع الضرائب هو:" إنشاء صندوق خيري لتقديم المساعدة المالية وغيرها من الخدمات لصالح الشعب اليهودي في مدينة القدس القديمة يشمل: تعليم تاريخ مدينة القدس المذكوة في الإنجيل وآثارها، ومساعدة ودعم التعليم، وإيواء العائلات وإعادة بناء الممتلكات المدمرة".
وتعني عبارة "إعادة بناء الممتلكات المدمرة" العقارات التي تستولي عليها منظمات الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية المحتلة من أصحابها الفلسطينيين بوسائل التزوير والخداع.
وقد أكد تقرير نشرته خدمة الأبحاث في الكونغرس الأمريكي عام 2005 أن الولايات المتحدة تنص على أن المساعدات الأميركية المقدمة لا يمكن استخدامها في الأراضي المحتله، في حين أن قوانين الضرائب الأميركية لا تستثني الهبات المقدمة لنشاطات سياسية مثل المستوطنات. ولتجاوز هذه العقبة قامت إسرائيل بفصل المنظمة الصهيونية العالمية عن الوكالة اليهودية شبه الحكومية، وهو ما سمح للمانحين بضخ الأموال إلى المستوطنات من دون خسارة حق الإعفاء الضريبي في حين أن المنظمتان لا تزالان تعملان تحت المظلة نفسها، ومع المسئولين أنفسهم، والإدارات أنفسها أيضا، كما يقول ديفيد نيومان وهو عالم سياسي في جامعة بن غوريون.
ويستفاد مكن دراسة أخرى أعده معهد الشرق الأوسط بان المصادر الأساسية للتمويل الخاص لإسرائيل هي الجمعيات الخيرية اليهودية الكبرى، ومنها : النداء اليهودي المتحد"، لكن مبالغ مهمة أخرى تنقلت عبر مؤسسات أصغر، خاصة أن جمعية خيرية يعترف بها القانون الإسرائيلي غير خاضعة للضرائب في الولايات المتحدة بموجب قانون الإيرادات الداخلية، وهذا امتياز لا يمنح للدول الأجنبية الأخرى.
ووفقا لمعطيات دونها المؤرخ الشرق الأوسطي خوان كول على مذكرته، فإن ربع مستوطني الضفة الغربية حاليا ومجموعهم نجو 100 ألف هم أميركيون شماليون كانوا انتقلوا للعيش في الضفة الغربية، جزء مهم منهم يقطن في مستوطنات اشتهرت بتطرف مستوطنيها مثل البلدة القديمة من الخليل، وكريات أربع، وتفوح قرب نابلس.
وقد كتب ستيفن زونس البروفيسور في جامعة سان فرانسيسكو :" أمضيت بعض الوقت مع هؤلاء المهاجرين الأميركيين الذين يتبجحون بقدراتهم على إبقاء العرب على الخط. أنهم يتجولون في المدينة موجهين أسلحتهم إلى المارة ويضحكون ".
وأفاد دينيس فوكس وهو مواطن أمريكي هاجر إلى إسرائيل في السبعينيات من القرن الماضي، ثم عاد إلى الولايات المتحدة أن المستوطنين الذين هاجموا ناشطي سلام أميركيين كانوا يرافقون أطفالا فلسطينيين من المدرسة في الخليل، كانوا يتحاورون بالإنجليزية حين أطلقوا النار ثم هربوا".
يذكر أن باروخ غولدشتاين الطبيب الأمريكي من أصل يهودي قتل في العام 1994 في مجزرة الحرم الإبراهيمي 29 فلسطينيا بينما كانوا يؤدون صلاة الفجر، وهو واحد من أميركيين كثيرين انتقلوا من الولايات المتحدة للعيش في المستوطنات اليهودية تاركين خلفهم حياة رغدة، تحركهم مشاعرهم الدينية ومطالبات يهودية بإسرائيل الكبرى.
ووفقا لدراسة أعدها ديفيد نيومان عام 1985، فإن ما نسبته 10 الى 15% من المستوطنين في الضفة الغربية هم أميركيون.
بينما يقدر زونس أن ما بين ثلث ونصف مستوطني الخليل ليوم هم من الأميركيين، وشارك كثيرون منهم في احتلال بيوت الفلسطينيين في القدس والخليل، وبناء بؤر استيطانية غير شرعية.
والواقع أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تشجيع توطين هؤلاء الأميركيين الشماليين في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية، وتقدم الوكالة اليهودية شبه الحكومية مساعدات مالية للمهاجرين المنتقلين للسكن في مستوطنات الضفة الغربية مثل مستوطنة أرئيل، كما يظهر على الموقع الالكتروني للوكالة في الإعلان التالي:
"بين التلال المسيجة وأشجار الزيتون المعمرة في قلب إسرائيل المذكورة في الإنجيل، تقع مدينة أرئيل المزدهرة. تأسست عام 1978 بعد عمل استغرق حوالي 30 عاما لتتحول إلى مدينة تستحق الاهتمام ".
إن العلاقة بين الجمعيات الخيرية الأميركية والاحتلال الإسرائيلي علاقة قديمة وممتدة الى مستهل الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كانت كثير من الهبات والمساعدات المالية التي تجمعها تلك الجمعيات تذهب إلى بناء المستوطنات اليهودية، وكانت هذه الجمعيات على الدوام تنتهك القانون الأمريكي الخاص بعمل الجمعيات الخيرية، وبالرغم من ذلك لم تتخذ خطوات رادعة ضد هذه الجمعيات من قبل الأوساط القضائية والرسمية الأميركية.
فقد فشلت دعوى قضائية تقدم بها أميركيون وفلسطينيون وإسرائيليون عام 1984 ضد إعفاء ست جمعيات خيرية أميركية من الضرائب وهي: الصندوق الوطني اليهودي، الوكالة اليهودية في أميركا، المنظمة الصهيونية العالمية، النداء اليهودي المتحد، النداء الإسرائيلي المتحد، وأميركيون من أجل إسرائيل آمنة.
وقام معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط وهو منظمة تركز على التداخل بين السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط وتطبيق القانون بتوثيق قضية الجمعيات التي تنتهك السياسة الأمريكية كما القانون الدولي، وقدم المعهد عرائض لحرية قانون المعلومات للحصول على معلومات حول نشاطات الجمعيات مع مصلحة الضرائب الأميركية، واستخدمت السجلات إضافة إلى شهادات عيان حول استخدام الهبات لإعلام وزارتي العدل والمالية الأميركيتين، كما قدم الملف إلى المدعي العام في نيويورك في دعوى قضائية لم يتم الرد عليها بدعوى أن المعلومات التي قدمت تخضع للدراسة.
وتظهر وثائق مصلحة الضرائب الأميركية ذاتها، وكذلك تحقيقات تلقاها معهد الأبحاث أنه تم تبييض الأموال لتمويل الاحتلال، من ذلك قيام رجل أعمال وعضو في اللوبيات الإسرائيلي جاك ابراموف الذي حكم بالسجن لأربع سنوات في العام المنصرم بتبييض الأموال إلى المؤسسة المالية للرياضة التي تمول بيتار عيليت غير الشرعية، كما تبتاع الأسلحة والبنادق للمستوطنين".
ووفقا لتقرير أعده المعهد الأمريكي المذكور، فإن جميع الأموال الآتية من الولايات المتحدة لا تصل لتمويل المستوطنات غير الآمنة من تبييض الأموال، علما بأن عددا كبيرا من المنظمات تجمع الأموال والهبات علنا لتمويل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ومعظم الجمعيات تقدم هذه النشاطات إلى مصلحة الضرائب على أنها "نشاطات تثقيفية"،فيما آخرون من أمثال مؤسسة صندوق إسرائيل واحدة في سيديرهيرست تقول بصراحة أنها تمول نقل المستوطنات الإسرائيلية وتسليحها، والترويج لها في الأراضي الفلسطينية.
وتضم هذه الجمعيات أصدقاء إسرائيل المسيحيين، والأصدقاء الأميركيون لجامعة يهودا والسامرة، ومؤسسة صندوق إسرائيل واحدة. واللافت في نشاط هذه الجمعيات والمنظمات الأميركية اليهودية هو مقدار الحماية والحصانة التي تتمتع بها رغم عدم قانونية كثير من نشاطاتها، وانتهاكها الفظ للقوانين ألأميركية وحتى مخالفتها للسياسات العامة للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة باراك اوباما فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني والإسرائيلي والموقف من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، إلى درجة أن نفوذ هذه الجمعيات وتأثيرها امتد إلى وزارة المالية ومصلحة الضرائب الأميركيتين المسئولتان عن مراقبة ومتابعة نشاطات الجمعيات والمنظمات العاملة في الأراضي الأميركية، حيث رفضتا طلبا تقدم به معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومات لمعرفة ما قانونية نشاطات تلك الجمعيات، إلا أن وزارة المالية رفضت الطلب بموجب قانون السرية المصرفية، فيما تذرعت مصلحة الضرائب بقوانين الخصوصية ورفضت التعليق. وفي هذا يقول غرانت سميث مدير المعهد:"إنهم يتسترون عن الحقيقة في كل المواضيع.
إنها مواجهة بين قوى التمويل ( الاحتلال) والسياسات الأميركية الرسمية". ويضيف:" إن وزارة المالية ضمت جهودها إلى الاستخبارات الإرهابية والمالية التي تأسست بعد 11 أيلول (سبتمبر) لمهاجمة المنظمات الإسلامية، وهي ترفض ملاحقة الجمعيات المسيحية واليهودية التي تساهم في الصراع الشرق أوسطي، وهي غير شفافة في التعامل".
وتؤكد معطيات المعهد الأمريكي بهذا الشأن ما ورد في تحقيق نشرته صحيفة "هارتس" الإسرائيلية في عددها الصادر يوم 17 آب 2009 حول سياسة الخداع التي تمارسها الجمعيات اليمينية الإسرائيلية للسلطات الأميركية، وجمعها ملايين الدولارات لدعم الاستيطان.
ويتطرق التحقيق تحديدا إلى جمعية عطيرات كهانيم التي تعمل على إسكان مستوطنين يهود في القدس الشرقية والاستيلاء على أراض ومنازل فلسطينية من خلال ملايين الدولارات التي تأتيها من متبرعين أميركيين، وعبر ما يعرف ب "منظمة الأصدقاء الأميركيين من أجل عطيرات كهانيم" المسجلة في الولايات المتحدة كمؤسسة غير ربحية تعمل لأهداف تعليمية.
ووفقا لقانون الضرائب ألأمريكي فإن المؤسسة غير الربحية من المفروض أن تعمل لأهداف مثل التعليم، الدين، الدعم الاجتماعي، لكن من المحظور عليها العمل من أجل دعم آراء ومواقف سياسية
، علما بان جمعية "عطيرات كهانيم" تتمتع بامتيازات ضريبية مختلفة، ما مكنها من تجنيد ملايين الدولارات واستخدامها في شراء أراض وعشرات المباني في القدس الشرقية المحتلة وإسكانها بعائلات يهودية بعد طرد أصحابها الفلسطينيين منها.
وتنقل الصحيفة عن دانيال لوريا رئيس مجلس أمناء والمدير الفعلي لعطرات كوهانيم قوله إن تسجيل الجمعية في الولايات المتحدة كعاملة في مجال التعليم ناجم عن اعتبارات ضريبية. وأضاف:" لدينا جمعية أصدقاء عطيرات كهانيم" العاملة في الولايات المتحدة في مكتب صغير وبسيط وأتوجه كل عدة أشهر إلى الولايات المتحدة لجمع الأموال، وكل شيء يمر عبر مكتبنا الذي لا تعترف به سلطات الضرائب هناك...نحن الجمعية الرئيسية التي تعمل على إنقاذ الأراضي.. الأعمال في نيويورك تستهدف فقط إنقاذ الأراضي." ويتابع:" 60% من نشاطاتنا تمر عبر الولايات المتحدة، وقدم التقرير الأخير للمنظمة عام 2008 و 2007، إذ تم التبرع للمنظمة بمبلغ 2,1 مليون دولار ونقل في ذلك العام لجمعية عطيرت كهانيم مبلغ 1,6 مليون دولار، أما باقي المبلغ فقد استخدم لإقامة حفلات التبرع ولدفع مصاريف مختلفة وأجور بمبلغ 80 ألف دولار دفعت للمديرة التنفيذية للمنظمة وهي نائبة الرئيس شوشانا هيكيند زوجة دوف العضو في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية نيويورك والمؤيد المتلهف لليمين في إسرائيل.
وجمعت المنظمة في السنوات الأخيرة ملايين الدولارات،وذلك على النحو التالي: 1,3 مليون دولار في العام 2006، و900 ألف دولار عام 2005، وحوالي مليوني دولار عام 2004. ومن بين المتبرعين الكبار للمنظمة المليونير اليهودي الأمريكي إيرفينغ موسكوفيتش الذي يملك حاليا فندق شبرد في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة بعد الاستيلاء عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق