الامور كانت تتعقد اكثر عندما يكون الاستثمار العقاري في مواقع جغرافية بعيدة تتطلب السفر الى مواقع الاستثمار ومتابعة البحث وانهاء الاجراءات على الطبيعة، في بلاد اجنبية لكل منها شروطها وقوانينها الخاصة. الاستثمار العقاري تطور في السنوات الاخيرة الى درجة ان اجراءات البحث والتحري، في اي موقع في العالم، بالاضافة الى معظم الاجراءات الخاصة بالتسجيل والتمويل، يمكن ان تتم عبر شاشات الإنترنت وبأداة «الماوس». ويمكن عن طريق مواقع العقار المختلفة اجراء ابحاث واكتساب خبرة لم تكن متاحة قبل ظهور الإنترنت. هناك العديد من المواقع التي تقدم خدمات البحث عن العقار، والاهم من ذلك اجراء المقارنات بين انواع العقار المختلفة وحصر شروط البحث في فئات معينة من حيث نوع العقار أو فئات اسعاره او المناطق الجغرافية المطلوب الشراء فيها.
وتتيح الإنترنت وسائل بحث افضل من المشاهدة على الطبيعة كما انها تنبه المستثمر الى اخطار غير محسوبة. هناك مواقع إلكترونية مثلا تصور الموقع الجغرافي للعقار من الفضاء عبر صور يمكن تكبيرها لتوضيح معالم الحي الذي يقع فيه العقار. وتفيد هذه المواقع في مشاهدات جوية واقعية للعقار وكشف اي خبايا سلبية لطرق سريعة او خطوط قطارات او ايجابية مثل المدارس والمساحات الخضراء.
يمكن للباحث ايضا ان يختار معايير البحث التي تروق له مثل القرب الجغرافي من نقطة معينة او الوقوع على الشاطئ او الاطلالة على نهر او مواقع وسط المدينة او الارياف. كما يمكنه ان يضع هذه المعايير على الموقع الذي يسجل نفسه فيه حتى ولو لم يكن العقار المطلوب متاحا، وبحيث يبلغه الموقع عبر البريد الإلكتروني فور ظهور العقار المناسب في السوق.
من مزايا البحث ايضا ان المستثمر يعرف مقدما مستويات الايجارات في المنطقة التي يستثمر فيها بحيث يمكن ان يحسب نسبة العائد الاستثماري من قبل ان ينفق دولارا واحدا. ويذهب بعض المستثمرين الى حد تتبع مسار العقارات المعروضة للايجار وحساب فترة بقائها في السوق قبل سحبها من المواقع. وللمزيد من التأكد يتصل المستثمرون بمكاتب العقار للسؤال عن العقارات التي كانت معروضة واذا قيل لهم ان العقارات تم تأجيرها، يتأكد المستثمر انه على المسار الصحيح ويبدأ في البحث عن عقارات مماثلة.
يستطيع المستثمر ايضا ان يجمع الكثير من المعلومات عن الاحصاءات المحلية الخاصة بالتعداد من حيث نسبة التعليم والوظائف السائدة ونسبة الجريمة وغيرها من المعلومات التي تؤثر على قيمة العقار.
معظم هذه المواقع تقدم خدماتها مجانا، حيث تحصل على عائداتها من اعلان الشركات فيها بناء على عدد زوارها. اما المواقع التي تقدم خدمات معينة للمستثمر مثل تقييم العقار او بحث مستندات الملكية، فهي تطلب الاشتراك في خدماتها او دفع ثمن بعض الخدمات المطلوبة.
غيرت الإنترنت جذريا ايضا من اسلوب التعامل مع الاستثمار العقاري، ففي الماضي كان المستثمر يستغرق في العادة اسبوعا في دراسة العقار قبل طلب المعاينة على الطبيعة، اما الان فان المستثمر يرصد العقار المطلوب في ساعة الغداء ثم يتصل بمكتب العقار متوقعا ان يشاهد العقار في اليوم نفسه. ويقول مدير مكتب عقاري في لندن ان بعض المستثمرين يتصل به بالهاتف الجوال ويقول انه امام العقار ويطلب مشاهدته فورا.
ويستخدم بعض المستثمرين موقع «غوغل ايرث» الذي يمكن به تكبير صورة اي موقع على سطح الارض عبر صور فضائية، في البحث في المناطق الجغرافية البعيدة عنهم. ويوضح هذا الموقع مكان العقار بالعلاقة مع المدن والاحياء التي يقع فيها. ويذهب بعض المستثمرين الى حد اجراء بحث عن اسماء البائعين والمشترين على الإنترنت لمعرفة معلومات عن وظائفهم ووضعهم الاجتماعي قبل التعامل العقاري معهم.
هناك ايضا بعض البرامج المصممة لكبار مستثمري العقار بحيث يمكن المقارنة الفورية بين القيمة المجردة والعوائد بين عشرات العقارات المعروضة بادخال ثمن كل منها وشروط التمويل والعوائد المتوقعة. ويمكن لهذه البرامج متابعة محفظة او «بورتفوليو» الاستثمار العقاري في مجموعها وتعريف المستثمر بانجاز كل عقار لديه حتى يمكنه اتخاذ القرار المناسب، ربما بالتخلص من العقارات التي لا تغطي نسب العوائد المتوقعة منها.
وتصلح مواقع الاستثمار العقاري ايضا لتدبير موارد التمويل واختيار الافضل بينها. وكانت «الشرق الاوسط» قد نشرت قبل اسابيع احدث افكار التمويل العقاري عبر تنافس البنوك على طلبات التمويل التي يعرضها مشتري العقار على مواقع التمويل، بحيث يمكنه المقارنة بينها واختيار الافضل منها. وتنتشر هذه الفكرة في بعض البلدان الاوروبية حاليا بعد بدايتها في بريطانيا.
وبخلاف هذه الفكرة فان البحث المعتاد هو الاطلاع على مواقع التمويل العقاري واختيار عروض الاقراض المناسبة التي تتراوح بين تثبيت اسعار الفائدة او تخفيضها لفترة، وأخيرا ايضا عروض التمويل الاسلامي باساليب الايجارة والمرابحة. وتقدم بعض البنوك البريطانية هذه الخدمات حاليا في مناطق الجاليات المسلمة وان كانت لا تسّوق هذا التمويل على نطاق واسع. وتقوم البنوك في حالات التمويل الاسلامي بشراء العقار باسمها ثم تأجيره للمشتري باقساط تنتهي بملكيته للعقار بعد اضافة تكاليف الاقراض. ويكون المشتري في هذا الحالة مساهما في شراء العقار بنسب متزايدة حتى يتملكه بالكامل.
الخدمات المصاحبة للاستثمار العقاري لها ايضا مواقعها. ومنها خدمات التأمين والمسح العقاري. ومن مزايا استخدام الإنترنت لتوفير خدمات العقار ان هذه المواقع اقل تكلفة من الذهاب الى الشركات العاملة في السوق عبر منافذ تجارية عادية. وهنا يستطيع المستثمر ان يقارن بين تكلفة الخدمات وان يختار الشركة الانسب له من حيث السعر والموقع الجغرافي، بعد الاطلاع على سجل نشاطها.
في حالات الخدمات التي تقدم بسعر ثابت، مثل تسجيل العقار، وتلك متقاربة السعر، مثل التكاليف القانونية، تكون فوائد استخدام «الماوس» في سرعة وتسهيل الحصول على هذه الخدمات. تفيد المواقع الإلكترونية ايضا في تدبير خدمات صيانة العقار حتى في غياب صاحبها عن موقع العقار حيث يمكن الاتصال بالشركات او اجراء تعاقدات صيانة دورية تغني عن ضرورة تواجد مالك العقار في الموقع. كما يمكن لمالك العقار متابعة نشاط ادارة العقار من الوكالات التي تتقاضى في المتوسط حوالي 15 في المائة من الايراد لقاء القيام بكافة نشاطات ادارة العقار في غياب صاحبه.
بعض المستثمرين طور التسهيلات المتاحة عبر شاشات الكومبيوتر بشراء عقارات من مزادات تقام في مناطق بعيده عنه جغرافيا، ومن دون ان يشاهد هذه العقارات. وانتشر هذا الاسلوب في الاوقات التي كان تزداد فيها اسعار العقار شهرا بعد شهر ويزداد فيها التنافس على اقتناص الفرص بسرعة فور ظهورها في الاسواق. وهو اسلوب مرتفع المخاطر، لان مشتري المزاد يشتري العقار على حاله ويكون مسؤولا عنه قانونيا فور نهاية المزاد. وفي بعض الحالات التي تظهر فيها عيوب جذرية في العقار تكون تكاليف الاصلاح باهظة.
وقبل الاقبال على الشراء «بالماوس»، سواء من السوق او المزاد، ينصح خبراء السوق بعدم الاعتماد كلية على تسهيلات الإنترنت في الاستثمار العقاري. ففي معظم الاحوال سوف يحتاج المستثمر الى المشاهدة على الطبيعة وتفقد العقار بنفسه قبل اتخاذ قرار الاستثمار. وهناك بعض الاحوال التي يحتاج فيها المستثمر ايضا الى التواجد على الطبيعة لاثبات هويته وتوقيع المستندات في حضور محاميه واجراء بعض الاتفاقات الشخصية التي يتحاور فيها مع شركات الصيانة والادارة والخدمات. فالماوس قد يحل معظم المعضلات ويوفر الوقت ويتيح البحث والمقارنة ولكنه لا يغني عن تواجد المستثمر بنفسه في السوق ومتابعة استثماره بعيدا عن اي شاشات إلكترونية او شبكات عنكبوتية.
هناك مقدمات لمثل هذا النوع من الاستثمار العقاري بالماوس في بعض المواقع العربية، خصوصا في دبي وبعض دول الخليج، ولكنه اسلوب ما زال في بداياته ويقتصر على البحث عن المواقع والاسعار واساليب التمويل. وقبل ان يقول البعض ان الوضع اكثر تطورا عن ذلك لا بد من الاشارة الى ان بعض المواقع العربية لم تكن بالفعالية التي يتوقعها المستثمر الدولي، فالبعض منها غير فعال بالمرة ويستخدم مثل نوافذ الزينة والاخر يتلقى الاستفسارات ويرسل تأكيدا بتلقيها والبحث فيها ثم لا يرسل اية اجابات للمستثمر الذي يكون بالفعل قد نسي الموضوع برمته. والنصيحة الاساسية لشركات العقار العربية هي انها اذا ارادت الاستفادة من هذا المجال فلا بد لها من توفير الامكانيات البشرية والتقنية التي تجعل منافذها الإلكترونية ادوات فعالة للتسويق وليست مجرد عرض جامد للصور ولقطات الفيديو كليب عن منجزاتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق