حالة من الارتباك والخوف والحذر سادت أوساط المال والأعمال فى مصر وذلك على خلفية أزمة شركة دبى العالمية القابضة التى تفجرت أثناء اجازة عيد الأضحى يوم 25 نوفمبر الماضى وذلك عندما أعلنت الشركة طلب تأجيل سداد جزء من مديونياتها بمبلغ 5،3 مليار دولار من بين 80 مليار دولار جملة مديونيات شركة دبى العالمية وشركة تشغيل المقصلة عليها والمستحقة السداد فى منتصف شهر ديسمبر الجاري.
ورغم الإعلان فى مصر عن أن حجم الأموال التى خرجت من البنوك العاملة فى مصر لصالح شركة دبى العالمية لا يتجاوز 20مليون دولار وطبقا لتصريحات البنوك، إن هذه المديونية تعد محدودة مقارنة بحجم أعمال البنوك وبالمقارنة بمديونيات البنوك الأخرى بالإضافة لتغطية البنوك العاملة فى مصر لهذه المديونية عن طريق مخصصات واحتياطيات لمواجهة أى أزمات طارئة إلا أن المشكلة فى مصر لا تقف عند هذا الحد وإنما تتجاوزها إلى حد تدخل أعمال الشركات الإماراتية فى الاستثمارات المصرية والعمل خارج مستثمر بالإضافة إلى عمل شركات مصر داخل الإمارات وتحول عالم الأعمال الدولى طبقا لنظم العولمة إلى قرية صغيرة ومن هنا يكمن تأثر البلدان الأخرى بهذه الأزمة إضافة إلى امكانية وجود مردود ايجابى وقد يكون محدودا لتعرض البلدان المجاورة للإمارات.
ورغم أن البنك المركزى المصرى قد أعطى توجيهات لجميع البنوك العاملة فى مصر بضرورة اتخاذ جميع التدابير الخاصة بالمخصصات من الاحتياطات الضرورية لمواجهة الأزمات ومتابعة ذلك من البنك المركزى وذلك فى أعقاب ظهور الأزمة المالية العالمية فإن هناك قلقا على البنوك الإماراتية العاملة فى مصر ومدى تأثرها على المديين القصير والمتوسط بأزمة دبى العالمية وهى بنك أبوظبى الوطنى وبنك المشرق وبنك أبوظبى الإسلامى والبنك الوطنى للتنمية والاتحاد الوطني.
المعروف أن البنك العربى الافريقى قد أعلن عن حجم قرض شركة دبى العالمية يمثل 2% من محفظة قروض البنك وتشمل 54 مليون دولار قروضا مسوقة لشركة النخيل إضافة إلى 9.8 مليون دولار أمريكى سندات إلى جانب 35 مليون دولار أمريكى قروضا مسوقة تخص شركة دبى العالمية.
ولم يقتصر القلق والحذر بالنسبة لقطاع البنوك فقط وإنما امتد إلى الشركات الإماراتية العاملة فى مصر بجانب باقى الاستثمارات الإماراتية التى تبلغ 11 مليار جنيه حيث تمثل الإمارات ثالث أكبر دولة مستثمرة فى مصر وتأتى على قائمة الأنشطة التى تأثرت التى تعمل فى مجال العقارات المصرية ومنها شركتا «إعمار» و«داماك» الإماراتيتين بجانب شركة «موانئ دبي» التى تقوم بتطوير ميناء العين السخنة، ورغم مصرفيين أكدوا أن الوقت مبكر لظهور آثار لأزمة دبى العالمية على الاقتصاد المصرى ومجال الاستثمار فيها إلا أن هناك شواهد بدأت تظهر ورصدها رجال الأعمال المصريون، حيث صرح الدكتور شريف الجبلى رئيس جمعية مستثمرى مدينة السادات بأن أزمة دبى ستحمل تأثيرات مباشرة على الشركات الإماراتية العاملة فى مصر وتوقع تأجيل معظم المشروعات التى تنفذها ومعظمها فى مجال العقارات.
من جانبه، أكد صفوان ثابت عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أن التأثر البالغ سيكون من نصيب الشركات الإماراتية ومنها شركة «إعمار» التى تعانى من مشكلة منذ عدة أشهر أثرت على استكمال مشروعاتها فى مصر ويتفق ذلك مع تصريحات مسئولى شركة إعمار الذين حاولوا تخفيف حدة الأزمة بالإعلان عن أن مشروعات الشركة المعروفة باسم «آب تاون كايرو» وحيفيدا ومراسى تسير وفق الخطط المحددة لها، حيث سيتم تسليم أول دفعة من الوحدات فى مشروع أب تاون كايرو ومراسى خلال العام المقبل، غير أنهم لم يعلنوا عن وضع المشروع التجارى الترفيهى الفندقى الذى أعلنت عنه شركة إعمار والذى يسمى بوابة القاهرة وهو من أكبر مشروعات الشركة فى مصر.
وعلى جانب الاستثمار العقارى أكد الدكتور حسين جمعة رئيس جمعية الحفاظ على الثروة العقارية والتنمية المعمارية على تأثير سوق العقارات المصرية فيما يحدث لشركة دبى نظرا لعملها فى مصر توقع أن يتلاشى التأثير السلبى بعد ضخ حكومة دبى الأموال لمساندة تلك الشركات مشيرا إلى المشكلة تكمن فى جزء مباشر ناتج عن الأزمة العالمية فى دبى أو غير مباشر من خلال ضعف الإقبال على الوحدات السكنية الفاخرة التى تقوم الشركات الإماراتية بتنفيذها فى مصر بصفة عامة، وكذا تأثر أسهمها فى البورصة مشيرا إلى أن الإسكان الفاخر فى مصر بصفة عامة يواجه زيادة فى العرض على الطلب بنسبة تزيد على 25% بينما يواجه الإسكان والمساحة التى تتراوح بين 80 و140 مترا عجزا شديدا فى العرض يصل إلى 25%، وأرجع ذلك إلى عدم اهتمام الشركات العقارية بدراسات الجدوى للمشروعات وعدم احتوائها على بند لإدارة المخاطرة.
وينتقد جمعة سلوك الحكومة المصرية فى السماح لتلك الشركات بالعمل فى الإسكان الفاخر فقط بينما لا تشارك هذه الشركات فى إقامة الإسكان المتوسط ومحدودى الدخل الأمر الذى من شأنه تخفيض تداعيات الأزمة العالمية على شركات العقارات العربية.
كما توقع صلاح حجاب الاستشارى العقارى استمرار تعثر شركات العقارات المملوكة لحكومة دبى فى حالة استمرار عملها فى الإسكان الفاخر دون وجود سيولة كافية أو دعم من البنوك ومن ثم زيادة حدة الأزمة العالمية على تلك الشركات، مطالبا الشركات التى تعمل فى مصر بالعمل فى السوق العقارى المرتبط بالطلب المصرى المتمثل فى الإسكان المتوسط وما دون المتوسط حيث ان الطلب على هذه السوق سيظل متواصلا طوال سنوات وأنه ليس بالطلب الوهمى بإنشاء الإسكان الفاخر وكانت شراكة الفطيم الإماراتية قد حصلت على قرض قيمته 2 مليار جنيه وذلك لإقامة المراكز التجارية والإدارية قبل شهرين لبناء المركز التجارى للاستثمار فى القاهرة الجديدة وقد اشتركت 7 بنوك فى هذا القرض وهي: بنك مصر إيران، بحصة 100 مليون جنيه والبنك التجارى الدولى، 350 مليون جنيه، وبنك HSBC400 مليون جنيه، والبنك العربى الافريقى الدولى، 300 مليون جنيه، والقاهرة، 300 مليون جنيه، وبنك مصر، 350 مليون جنيه، والبنك العربى، 200 مليون جنيه.
ورغم حصول مجموعات شركات الفطيم الاماراتية على هذا القرض منذ شهرين فإن هناك أنباء عن وجود مشاكل فى استكمال مشروعات كارفور الذى كان منتظر تنفيذهما فى كل من طنطا والتجمع الخامس كما تدخل الاستثمارات المالية الاماراتية فى مشروعات مصرية حيث يبلغ عدد الشركات التى يسهم رأس المال الاماراتى فيها حوالى 320 شركة برأس مال يتعدى 19 مليار جنيه طبقا لبيانات هيئة الاستثمار وتعمل هذه الشركات فى الاستثمارات المالية والعقارات والاتصالات والأسمدة والأسمنت وبنوك وشركات تأمين وشركات سياحية وطاقة وتأتى شركة اتصالات مصر على رأس قائمة الشركات التى تسهم الأموال الإماراتية فيها بواقع 11 مليار جنيه.
وفى السياق نفسه تعد شركة أبراح كابيتال من كبرى الشركات الاماراتية التى تعمل فى مصر والتى تتطلع لأن تكون لاعبا رئيسيا فى مجال الاستثمارات الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والزراعة فى مصر وإقامة سلسلة من المستشفيات والمشروعات الصحية حيث اشترت 77% من شركة الخدمات الطبية المصرية معامل البرج فى مايو 2008 وتجرى حاليا محادثات لشراء معمل تحاليل طبية آخر إضافة إلى الشروع فى إقامة سلسلة صيدليات تحت شعار سلسلة تداوى السعودية وفى جانب التعليم تدرس فرص استحواذ مواقع لإقامة سلسلة مدارس خاصة، ومن المقرر بدء نشاط إحدى هذه المدارس بالمدن الجديدة فى العام الدراسى 2010 كما أنها تجرى مباحثات لشراء نشاط زراعى للاستفادة من موقع مصر.
وفى حين تسارع المسئولون للتقليل من حجم المشكلة على الاقتصاد المصرى أكد الاقتصاديون تأثر الاقتصاد المصرى ليس ممثلا فى الشركات الاماراتية العاملة فى مصر وإنما فى الشركات المصرية العاملة فى الخليج وامتداد التأثير إلى العمالة المصرية فى الخليج.. من جانب المسئولين أكد وزير الاستثمار أن تأثير الأزمة على الاقتصاد المصرى محدود ومرهون بالتدابير التى يتم اتخاذها من قبل المسئولين فى دبى وتدخل البنك المركزى فى أبوظبي.
ومن جانبها كشفت سحر السلاب مساعد وزير التجارة والصناعة لتنمية التجارة الداخلية أن الاستثمارات الاماراتية فى مصر لم تتأثر ومستمرة فى مشروعاتها والتى تعمل فى مجال التجارة الداخلية فى إقامة هايبر ماركت وأحدث هذه المشروعات يتم الآن على مساحة 150 ألف متر حصل المستثمر الإماراتى على موافقة بالإنشاء بداية العام ومن المقرر أن يبدأ النشاط الخاص به فى أول أبريل وقالت إن الشركة العاملة فى هذا المجال لم تتأثر ومنها شركة ماجد الفطيم وشركة الولو.
أما على جانب الشركات المصرية العاملة فى دبى فقد اختلف تأثرها طبقا لطبيعة عمل الشركات قيمتها من لم يتأثر لم يتعامل مع الحكومة الإماراتية أو حكومة دبى ولكنه تعامل فى المشروعات الخاصة كما أنه لم يتعامل فى إنشاء الناطحات والتى كانت سببا رئيسيا فى أزمة دبى العالمية ومنها شركة المقاولون العرب حيث تتمثل أعمالها طبقا لتصريحات الشركة فى تنفيذ عقد واحد فقط لإقامة برج كبير مملوك لإحدى الشركات الخاصة كما استبعد أحمد السيد رئيس الشركة القابضة للتشييد تأثر الشركة من الأزمة وقال إن الشركة ليس لها أعمال مع حكومة دبى أو شركة النخيل للتطوير العقارى التى تواجه جزءامن الأزمة كما قللت شركة المقاولات المصرية مختار إبراهيم من تأثير الأزمة حيث إن نشاطها فى الإمارات يتمثل فى مشروعات بنية تحتية مع الحكومة وأن المشروعات تعتمد على نظام السحب على فترات ذلك فى حين يرى عدلى أيوب رئيس شركة رمكو للفنادق والتنمية السياحية أن أزمة دبى سيكون لها تأثير على أعمال المقاولات ولكن لفترة محدودة مشيرا إلى أنه قام ببيع شركة المقاولات التابعة له فى دبي.
أما شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة أكبر شركة بناء مدرجة فى البورصة فلا يتوقع التعرض لتأثير من جرء أزمة شركة دبى وقالت إنها ألغت مشروعات بقيمة 200مليون دولار فى الإمارات أوائل العام الجارى، كما يرى المراقبون أن البنوك المصرية التى تقرض الشركات الإماراتية سوف تعيد دراسة تلك المشروعات المقدمة من الشركات فى ضوء تطورات الأزمة، متوقعين أن يتم تسريح بعض العمالة المصرية العاملة فى دبى والتى تعد أحد تأثيرات الأزمة على الاقتصاد المصرى الذى لم يتعاف من انعكاسات الأزمة المالية العالمية وأصبحت هناك مخاوف من الاستغناء عن حجم عمالة مصرية تقدر بحوالى 250 ألف شخص لينضموا إلى طابور العاطلين، حيث أشار الدكتور جودة عبدالخالق أستاذ الاقتصاد إلى أن الأزمة ستؤثر على العمالة بدبى ولكن التأثير السلبى الأكبر سيكون على العمالة الأجنبية فى دبى، والمشكلة أن التخصصات التى يعمل فيها المصريون لا يوجد لها بديل فى مصر.
ودعا جودة المسئولين المصريين إلى تغيير نظرتهم لدبى والتى يعتبرها المسئولون نموذجا يحتذى به خاصة أنها تقوم على المضاربة والمتاجرة بكل شيء، وأكد أن الاقتصاد المصرى لم يتعاف من تأثير الأزمة المالية العالمية لأن جميع التدابير التى تم اتخاذها لم تكن ملائمة لمواجهتها.
كما أكد الدكتور حمدى عبدالعظيم الخبير الاقتصادى أن هناك بعض المهن المتعلقة بقطاع العقارات الذى يمثل أكثر القطاعات تضررا بالأزمة الخدمات السياحية، ستقوم بالاستغناء عن 150 ألف عامل مصرى إضافة إلى شركات السياحة التى ستمثل هذه النسبة بسبب رخص أجور العمالة الآسيوية وأضاف أن أزمة البترول فى الإمارات ستلقى بظلالها على العمالة المصرية الزائدة فى الشركات الإماراتية التى حدثت بها الأزمة.
وفى اتجاه معاكس يرى الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد أن الأزمة المالية التى تمر بها إمارة دبى لن تتعدى إحداث اضطراب فى سوق الأوراق لمدة أسبوع أو أسبوعين، معللا ذلك بأن دبى تعتبر مركزا ماليا عالميا وتقدر عائداتها من البترول بالمليارات، وأضاف أن الإمارات قامت بتصرف سريع من خلال البنك المركزى الإماراتى الذى أكد على ضخ موارد مالية إضافية للمصارف المحلية والأجنبية بما أعطى انطباعا بأن هناك نوعا من المسئولية تجاه ما يحدث.
كما توقع مراقبون اقتصاديون أن هذه الأزمة فرصة لاجتذاب بعض البلدان المجاورة التى تتمتع بالاستقرار الاقتصادى وتى قطعت شوطا كبيرا فى تحديث بنية التشريعات الاستثمارية ومنها مصر فى الحصول على الاستثمارات التى تفكر فى الهروب من الخليج إلى السوق المصرى، خاصة أن مصر طبقا لتقارير المؤسسات الدولية قد جذبت استثمارات أجنبية خلال 2008/2009 تقدر بحوالى 10 مليارات دولار بتراجع 3 مليارات عن عام 2007/2008 وهو يعد تأثيرا محدودا حيث استمرت مصر فى المركز الرابع ضمن الدول العشر الأكثر إصلاحا لبيئة الأعمال، كما حصلت على المركز الأول على شمال افريقيا فى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستطاعت جذب 40% من الاستثمارات المتدفقة إلى شمال افريقيا ورغم الاهتمام الذى أبدته وزارة الاستثمار بمتابعة تأثير الاستثمارات الإماراتية فى مصر بالأزمة المالية وحديثة عن التوقعات بأن يكون الآثار مؤقتة وقد وضح ذلك فى تعاملات البورصة الذى انخفضت فى أول أيام تعامل بعد اجازة العيد وانخفضت بواقع 7،8% والذى تم تفسيره بأنه عمل نفسى خاصة بعد أن استطاعت البورصة تعويض جزء من خسارتها فى باقى جلسات الاسبوع خاصة أن أسعار الأسهم بلغت أدنى مستوى للأسعار ما يشجع على الاقبال على الشراء فهل تستطيع الحكومية الاستفادة من الآثار الايجابية الخفية فى أزمة دبي؟.
المعروف أن هناك جلسة لمجموعة من الدائنين وأغلبهم من البنوك البريطانية سوف تجتمع فى النصف الثانى من الشهر الحالى لمناقشة الحلول التى تطرحها شركة دبى العالمية خاصة بعد وضع خمسة نماذج معدة لإعادة هيكلة شركة دبى العالمية وشركة النخيل للعقارات.
ورغم الإعلان فى مصر عن أن حجم الأموال التى خرجت من البنوك العاملة فى مصر لصالح شركة دبى العالمية لا يتجاوز 20مليون دولار وطبقا لتصريحات البنوك، إن هذه المديونية تعد محدودة مقارنة بحجم أعمال البنوك وبالمقارنة بمديونيات البنوك الأخرى بالإضافة لتغطية البنوك العاملة فى مصر لهذه المديونية عن طريق مخصصات واحتياطيات لمواجهة أى أزمات طارئة إلا أن المشكلة فى مصر لا تقف عند هذا الحد وإنما تتجاوزها إلى حد تدخل أعمال الشركات الإماراتية فى الاستثمارات المصرية والعمل خارج مستثمر بالإضافة إلى عمل شركات مصر داخل الإمارات وتحول عالم الأعمال الدولى طبقا لنظم العولمة إلى قرية صغيرة ومن هنا يكمن تأثر البلدان الأخرى بهذه الأزمة إضافة إلى امكانية وجود مردود ايجابى وقد يكون محدودا لتعرض البلدان المجاورة للإمارات.
ورغم أن البنك المركزى المصرى قد أعطى توجيهات لجميع البنوك العاملة فى مصر بضرورة اتخاذ جميع التدابير الخاصة بالمخصصات من الاحتياطات الضرورية لمواجهة الأزمات ومتابعة ذلك من البنك المركزى وذلك فى أعقاب ظهور الأزمة المالية العالمية فإن هناك قلقا على البنوك الإماراتية العاملة فى مصر ومدى تأثرها على المديين القصير والمتوسط بأزمة دبى العالمية وهى بنك أبوظبى الوطنى وبنك المشرق وبنك أبوظبى الإسلامى والبنك الوطنى للتنمية والاتحاد الوطني.
المعروف أن البنك العربى الافريقى قد أعلن عن حجم قرض شركة دبى العالمية يمثل 2% من محفظة قروض البنك وتشمل 54 مليون دولار قروضا مسوقة لشركة النخيل إضافة إلى 9.8 مليون دولار أمريكى سندات إلى جانب 35 مليون دولار أمريكى قروضا مسوقة تخص شركة دبى العالمية.
ولم يقتصر القلق والحذر بالنسبة لقطاع البنوك فقط وإنما امتد إلى الشركات الإماراتية العاملة فى مصر بجانب باقى الاستثمارات الإماراتية التى تبلغ 11 مليار جنيه حيث تمثل الإمارات ثالث أكبر دولة مستثمرة فى مصر وتأتى على قائمة الأنشطة التى تأثرت التى تعمل فى مجال العقارات المصرية ومنها شركتا «إعمار» و«داماك» الإماراتيتين بجانب شركة «موانئ دبي» التى تقوم بتطوير ميناء العين السخنة، ورغم مصرفيين أكدوا أن الوقت مبكر لظهور آثار لأزمة دبى العالمية على الاقتصاد المصرى ومجال الاستثمار فيها إلا أن هناك شواهد بدأت تظهر ورصدها رجال الأعمال المصريون، حيث صرح الدكتور شريف الجبلى رئيس جمعية مستثمرى مدينة السادات بأن أزمة دبى ستحمل تأثيرات مباشرة على الشركات الإماراتية العاملة فى مصر وتوقع تأجيل معظم المشروعات التى تنفذها ومعظمها فى مجال العقارات.
من جانبه، أكد صفوان ثابت عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أن التأثر البالغ سيكون من نصيب الشركات الإماراتية ومنها شركة «إعمار» التى تعانى من مشكلة منذ عدة أشهر أثرت على استكمال مشروعاتها فى مصر ويتفق ذلك مع تصريحات مسئولى شركة إعمار الذين حاولوا تخفيف حدة الأزمة بالإعلان عن أن مشروعات الشركة المعروفة باسم «آب تاون كايرو» وحيفيدا ومراسى تسير وفق الخطط المحددة لها، حيث سيتم تسليم أول دفعة من الوحدات فى مشروع أب تاون كايرو ومراسى خلال العام المقبل، غير أنهم لم يعلنوا عن وضع المشروع التجارى الترفيهى الفندقى الذى أعلنت عنه شركة إعمار والذى يسمى بوابة القاهرة وهو من أكبر مشروعات الشركة فى مصر.
وعلى جانب الاستثمار العقارى أكد الدكتور حسين جمعة رئيس جمعية الحفاظ على الثروة العقارية والتنمية المعمارية على تأثير سوق العقارات المصرية فيما يحدث لشركة دبى نظرا لعملها فى مصر توقع أن يتلاشى التأثير السلبى بعد ضخ حكومة دبى الأموال لمساندة تلك الشركات مشيرا إلى المشكلة تكمن فى جزء مباشر ناتج عن الأزمة العالمية فى دبى أو غير مباشر من خلال ضعف الإقبال على الوحدات السكنية الفاخرة التى تقوم الشركات الإماراتية بتنفيذها فى مصر بصفة عامة، وكذا تأثر أسهمها فى البورصة مشيرا إلى أن الإسكان الفاخر فى مصر بصفة عامة يواجه زيادة فى العرض على الطلب بنسبة تزيد على 25% بينما يواجه الإسكان والمساحة التى تتراوح بين 80 و140 مترا عجزا شديدا فى العرض يصل إلى 25%، وأرجع ذلك إلى عدم اهتمام الشركات العقارية بدراسات الجدوى للمشروعات وعدم احتوائها على بند لإدارة المخاطرة.
وينتقد جمعة سلوك الحكومة المصرية فى السماح لتلك الشركات بالعمل فى الإسكان الفاخر فقط بينما لا تشارك هذه الشركات فى إقامة الإسكان المتوسط ومحدودى الدخل الأمر الذى من شأنه تخفيض تداعيات الأزمة العالمية على شركات العقارات العربية.
كما توقع صلاح حجاب الاستشارى العقارى استمرار تعثر شركات العقارات المملوكة لحكومة دبى فى حالة استمرار عملها فى الإسكان الفاخر دون وجود سيولة كافية أو دعم من البنوك ومن ثم زيادة حدة الأزمة العالمية على تلك الشركات، مطالبا الشركات التى تعمل فى مصر بالعمل فى السوق العقارى المرتبط بالطلب المصرى المتمثل فى الإسكان المتوسط وما دون المتوسط حيث ان الطلب على هذه السوق سيظل متواصلا طوال سنوات وأنه ليس بالطلب الوهمى بإنشاء الإسكان الفاخر وكانت شراكة الفطيم الإماراتية قد حصلت على قرض قيمته 2 مليار جنيه وذلك لإقامة المراكز التجارية والإدارية قبل شهرين لبناء المركز التجارى للاستثمار فى القاهرة الجديدة وقد اشتركت 7 بنوك فى هذا القرض وهي: بنك مصر إيران، بحصة 100 مليون جنيه والبنك التجارى الدولى، 350 مليون جنيه، وبنك HSBC400 مليون جنيه، والبنك العربى الافريقى الدولى، 300 مليون جنيه، والقاهرة، 300 مليون جنيه، وبنك مصر، 350 مليون جنيه، والبنك العربى، 200 مليون جنيه.
ورغم حصول مجموعات شركات الفطيم الاماراتية على هذا القرض منذ شهرين فإن هناك أنباء عن وجود مشاكل فى استكمال مشروعات كارفور الذى كان منتظر تنفيذهما فى كل من طنطا والتجمع الخامس كما تدخل الاستثمارات المالية الاماراتية فى مشروعات مصرية حيث يبلغ عدد الشركات التى يسهم رأس المال الاماراتى فيها حوالى 320 شركة برأس مال يتعدى 19 مليار جنيه طبقا لبيانات هيئة الاستثمار وتعمل هذه الشركات فى الاستثمارات المالية والعقارات والاتصالات والأسمدة والأسمنت وبنوك وشركات تأمين وشركات سياحية وطاقة وتأتى شركة اتصالات مصر على رأس قائمة الشركات التى تسهم الأموال الإماراتية فيها بواقع 11 مليار جنيه.
وفى السياق نفسه تعد شركة أبراح كابيتال من كبرى الشركات الاماراتية التى تعمل فى مصر والتى تتطلع لأن تكون لاعبا رئيسيا فى مجال الاستثمارات الخاصة بالرعاية الصحية والتعليم والزراعة فى مصر وإقامة سلسلة من المستشفيات والمشروعات الصحية حيث اشترت 77% من شركة الخدمات الطبية المصرية معامل البرج فى مايو 2008 وتجرى حاليا محادثات لشراء معمل تحاليل طبية آخر إضافة إلى الشروع فى إقامة سلسلة صيدليات تحت شعار سلسلة تداوى السعودية وفى جانب التعليم تدرس فرص استحواذ مواقع لإقامة سلسلة مدارس خاصة، ومن المقرر بدء نشاط إحدى هذه المدارس بالمدن الجديدة فى العام الدراسى 2010 كما أنها تجرى مباحثات لشراء نشاط زراعى للاستفادة من موقع مصر.
وفى حين تسارع المسئولون للتقليل من حجم المشكلة على الاقتصاد المصرى أكد الاقتصاديون تأثر الاقتصاد المصرى ليس ممثلا فى الشركات الاماراتية العاملة فى مصر وإنما فى الشركات المصرية العاملة فى الخليج وامتداد التأثير إلى العمالة المصرية فى الخليج.. من جانب المسئولين أكد وزير الاستثمار أن تأثير الأزمة على الاقتصاد المصرى محدود ومرهون بالتدابير التى يتم اتخاذها من قبل المسئولين فى دبى وتدخل البنك المركزى فى أبوظبي.
ومن جانبها كشفت سحر السلاب مساعد وزير التجارة والصناعة لتنمية التجارة الداخلية أن الاستثمارات الاماراتية فى مصر لم تتأثر ومستمرة فى مشروعاتها والتى تعمل فى مجال التجارة الداخلية فى إقامة هايبر ماركت وأحدث هذه المشروعات يتم الآن على مساحة 150 ألف متر حصل المستثمر الإماراتى على موافقة بالإنشاء بداية العام ومن المقرر أن يبدأ النشاط الخاص به فى أول أبريل وقالت إن الشركة العاملة فى هذا المجال لم تتأثر ومنها شركة ماجد الفطيم وشركة الولو.
أما على جانب الشركات المصرية العاملة فى دبى فقد اختلف تأثرها طبقا لطبيعة عمل الشركات قيمتها من لم يتأثر لم يتعامل مع الحكومة الإماراتية أو حكومة دبى ولكنه تعامل فى المشروعات الخاصة كما أنه لم يتعامل فى إنشاء الناطحات والتى كانت سببا رئيسيا فى أزمة دبى العالمية ومنها شركة المقاولون العرب حيث تتمثل أعمالها طبقا لتصريحات الشركة فى تنفيذ عقد واحد فقط لإقامة برج كبير مملوك لإحدى الشركات الخاصة كما استبعد أحمد السيد رئيس الشركة القابضة للتشييد تأثر الشركة من الأزمة وقال إن الشركة ليس لها أعمال مع حكومة دبى أو شركة النخيل للتطوير العقارى التى تواجه جزءامن الأزمة كما قللت شركة المقاولات المصرية مختار إبراهيم من تأثير الأزمة حيث إن نشاطها فى الإمارات يتمثل فى مشروعات بنية تحتية مع الحكومة وأن المشروعات تعتمد على نظام السحب على فترات ذلك فى حين يرى عدلى أيوب رئيس شركة رمكو للفنادق والتنمية السياحية أن أزمة دبى سيكون لها تأثير على أعمال المقاولات ولكن لفترة محدودة مشيرا إلى أنه قام ببيع شركة المقاولات التابعة له فى دبي.
أما شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة أكبر شركة بناء مدرجة فى البورصة فلا يتوقع التعرض لتأثير من جرء أزمة شركة دبى وقالت إنها ألغت مشروعات بقيمة 200مليون دولار فى الإمارات أوائل العام الجارى، كما يرى المراقبون أن البنوك المصرية التى تقرض الشركات الإماراتية سوف تعيد دراسة تلك المشروعات المقدمة من الشركات فى ضوء تطورات الأزمة، متوقعين أن يتم تسريح بعض العمالة المصرية العاملة فى دبى والتى تعد أحد تأثيرات الأزمة على الاقتصاد المصرى الذى لم يتعاف من انعكاسات الأزمة المالية العالمية وأصبحت هناك مخاوف من الاستغناء عن حجم عمالة مصرية تقدر بحوالى 250 ألف شخص لينضموا إلى طابور العاطلين، حيث أشار الدكتور جودة عبدالخالق أستاذ الاقتصاد إلى أن الأزمة ستؤثر على العمالة بدبى ولكن التأثير السلبى الأكبر سيكون على العمالة الأجنبية فى دبى، والمشكلة أن التخصصات التى يعمل فيها المصريون لا يوجد لها بديل فى مصر.
ودعا جودة المسئولين المصريين إلى تغيير نظرتهم لدبى والتى يعتبرها المسئولون نموذجا يحتذى به خاصة أنها تقوم على المضاربة والمتاجرة بكل شيء، وأكد أن الاقتصاد المصرى لم يتعاف من تأثير الأزمة المالية العالمية لأن جميع التدابير التى تم اتخاذها لم تكن ملائمة لمواجهتها.
كما أكد الدكتور حمدى عبدالعظيم الخبير الاقتصادى أن هناك بعض المهن المتعلقة بقطاع العقارات الذى يمثل أكثر القطاعات تضررا بالأزمة الخدمات السياحية، ستقوم بالاستغناء عن 150 ألف عامل مصرى إضافة إلى شركات السياحة التى ستمثل هذه النسبة بسبب رخص أجور العمالة الآسيوية وأضاف أن أزمة البترول فى الإمارات ستلقى بظلالها على العمالة المصرية الزائدة فى الشركات الإماراتية التى حدثت بها الأزمة.
وفى اتجاه معاكس يرى الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد أن الأزمة المالية التى تمر بها إمارة دبى لن تتعدى إحداث اضطراب فى سوق الأوراق لمدة أسبوع أو أسبوعين، معللا ذلك بأن دبى تعتبر مركزا ماليا عالميا وتقدر عائداتها من البترول بالمليارات، وأضاف أن الإمارات قامت بتصرف سريع من خلال البنك المركزى الإماراتى الذى أكد على ضخ موارد مالية إضافية للمصارف المحلية والأجنبية بما أعطى انطباعا بأن هناك نوعا من المسئولية تجاه ما يحدث.
كما توقع مراقبون اقتصاديون أن هذه الأزمة فرصة لاجتذاب بعض البلدان المجاورة التى تتمتع بالاستقرار الاقتصادى وتى قطعت شوطا كبيرا فى تحديث بنية التشريعات الاستثمارية ومنها مصر فى الحصول على الاستثمارات التى تفكر فى الهروب من الخليج إلى السوق المصرى، خاصة أن مصر طبقا لتقارير المؤسسات الدولية قد جذبت استثمارات أجنبية خلال 2008/2009 تقدر بحوالى 10 مليارات دولار بتراجع 3 مليارات عن عام 2007/2008 وهو يعد تأثيرا محدودا حيث استمرت مصر فى المركز الرابع ضمن الدول العشر الأكثر إصلاحا لبيئة الأعمال، كما حصلت على المركز الأول على شمال افريقيا فى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستطاعت جذب 40% من الاستثمارات المتدفقة إلى شمال افريقيا ورغم الاهتمام الذى أبدته وزارة الاستثمار بمتابعة تأثير الاستثمارات الإماراتية فى مصر بالأزمة المالية وحديثة عن التوقعات بأن يكون الآثار مؤقتة وقد وضح ذلك فى تعاملات البورصة الذى انخفضت فى أول أيام تعامل بعد اجازة العيد وانخفضت بواقع 7،8% والذى تم تفسيره بأنه عمل نفسى خاصة بعد أن استطاعت البورصة تعويض جزء من خسارتها فى باقى جلسات الاسبوع خاصة أن أسعار الأسهم بلغت أدنى مستوى للأسعار ما يشجع على الاقبال على الشراء فهل تستطيع الحكومية الاستفادة من الآثار الايجابية الخفية فى أزمة دبي؟.
المعروف أن هناك جلسة لمجموعة من الدائنين وأغلبهم من البنوك البريطانية سوف تجتمع فى النصف الثانى من الشهر الحالى لمناقشة الحلول التى تطرحها شركة دبى العالمية خاصة بعد وضع خمسة نماذج معدة لإعادة هيكلة شركة دبى العالمية وشركة النخيل للعقارات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق