شهدت مصر تزايد حالات انهيار العقارات , وتعدد صدور قرارات التنكيس أو الإزالة دون أن يتم تنفيذها لأسباب مختلفة مع إهمال جميع أنواع أعمال الصيانة .والهدف من هذا البحث إلقاء الضوء على أهمية إدارة الصيانة للمنشآت السكنية , وخطورة إهمالها، ومن ثم معالجة جميع السلبيات نتيجة إهمال الصيانة للعقارات السكنية.
ولهذا تم عمل دراسة ميدانية لتقييم الوضع الراهن للمباني السكنية لمعرفة الواقع الفعلي لمشكلة إهمال الصيانة وأبعادها ومسبباتها التي تركزت في وجود خلل تشريعي، و هندسي ، وإداري ، وإقتصادى .
وتم التوصل إلى اقتراح وتوصيف إنشاء نظام إداري متكامل لصيانة المنشآت السكنية للمساعدة في مواجهة المشاكل القائمة والمحتملة في المستقبل و تقديم الحلول المناسبة للصيانة بمصر.
مفتاح الكلمات (Keywords )
صيانة المباني ، تشريعات الصيانة ،عيوب المباني ، العمر الإفتراضى ، قاعدة بيانات .
1- مقدمة
شهدت الفترة الأخيرة بعد زلزال عام 1992 تزايد حالات انهيار العقارات , وتعدد صدور قرارات التنكيس أو الإزالة دون أن يتم تنفيذها لأسباب مختلفة, وكذا انتهاء العمر الإفتراضى لعدد كبير من المباني مع إهمال جميع أنواع أعمال الصيانة .
ولا شك في أن ذلك يمثل خطورة داهمة على سلامة وحياة المواطنين , ويهدد بشدة ثروة مصر العقارية , سيما وأن الأمر لم يعد قاصرا على محافظة بعينها بل بدا كظاهرة عامة تعانى منها محافظات مصر المختلفة , مما يستوجب التدخل العاجل بمختلف الوسائل العلمية الحديثة لحماية أرواح المواطنين والحفاظ على سلامتهم .
ومن إحصائيات مجلس الشعب لعام 2002, بلغ إجمالي قرارات الهدم بمصر 875¸111 قرارا نفذ منها 648¸69 قرارا بنسبة 62% وبقى 38% من القرارات لم ينفذ ,وأما بالنسبة لإجمالي قرارات الترميم بمصر 390¸98 قرارا نفذ منها 097¸39 قرارا بنسبة 40% وتبقى منها 60% لم ينفذ .
يدل ذلك على تفاقم حجم مشكلة انهيار العقارات على مستوى جمهورية مصر العربية ,التي كان لإهمال الصيانة دورا رئيسيا في تواجدها [14] .
ومن ثم تعتبر الصيانة العنصر الثالث الأساسي بعد التصميم والتنفيذ بالنسبة لأي مبنى أو منشأ سكنى , فالصيانة هي العنصر المحافظ عليه مع الزمن والضامن لبقائه سليما متماسكا طوال فترة عمره الإفتراضى .
وتحتاج المنشآت بصفة عامة إلى الصيانة مهما كان الغرض التي أقيمت من أجله سواء كان الإشغال سكنى أو إداري أو تجارى .
فالمباني يجب البدء في صيانتها مباشرة بعد الانتهاء من تنفيذها وفقا لبرنامج علمي هندسي يبدأ بالمعاينات الدورية لكل عناصر المنشأ , والتي يجب أن تتم بواسطة خبراء متخصصين في هذا
المجال ليكونوا مسئولين وقادرين على تحديد مدى خطورة ما يلاحظونه من تدهور في المنشآت ويحددون الأسلوب الأمثل للعلاج والسرعة المطلوبة له في التوقيت المحدد .
وهناك العديد من أنواع الصيانة مثل الصيانة الوقائية والصيانة العلاجية وغيرها .... ويبين شكل (1) الأنواع والمفاهيم المختلفة للصيانة .
فالصيانة الوقائية يقصد بها المرور الدوري على فترات زمنية مناسبة على كافة عناصر المبنى المدنية والميكانيكية , والكهربائية بهدف الاكتشاف المبكر لأي خلل ومعالجتة قبل أن يستفحل خطره ,أما الصيانة العلاجية فهي تعنى القيام بإصلاحات الخلل والعيوب التي تظهر في عناصر المبنى ومكوناته [5] .
ومن هذا المنطلق يستلزم التفكير بجدية لدراسة جميع الجوانب التشريعية والإدارية والاجتماعية و التمويلية للوضع الراهن لصيانة المنشآت السكنية , وفى حالة التأكد من عدم وجود نظام للصيانة سيتم عمل حصر لأوجه القصور والخلل, وصولا لعلاج جذري وشامل بإنشاء نظام إداري متكامل لصيانة المنشآت السكنية , يكون أداة جيدة مخططة في مجال الصيانة.
علما أن يتميز هذا النظام المقترح بالمرونة وسهولة التطبيق والتطوير والتحديث والدقة للحصول على أفضل جودة وأقل تكلفة تحقيقا للمقصود من إدارة مشروعات التشييد[1] ترشيدا للإنفاق,وحفاظا على الثروة العقارية .
2- الأبحاث السابقة :
الأبحاث السابقة بمصر هي في مجموعها جزيئيات لموضوع رئيسي لم يعالج بشكل شامل حتى الآن على المستوى القومي ، وهو " صيانة المنشآت السكنية بجمهورية مصر العربية " , رغم ما شكلت وتشكل تراكمات إهمال الصيانة , وتداعياتها , وتدهور حالة المنشآت , وانهياراتها كوارث خطيرة في الأرواح والممتلكات , وهو ما يؤكد الحاجة الماسة للبحث الحالي وصولا لعلاج جذري وشامل بإنشاء نظام إداري متكامل لصيانة المنشآت السكنية , يكون أداة جيدة مخططة في مجال الصيانة ، وتوصل الباحثون لمجموعة من النتائج أهمها :
· حرص أصحاب المنازل وملاك الأراضي بالدول المتقدمة على أعمال الصيانة من أنفسهم في مواعيدها , حرصا على الحفاظ على البقاء الجيد لممتلكاتهم أكثر مما هو مقدر في العمر الإفتراضى.
· إصدار تشريعات بالدول المتقدمة تستهدف حل مشاكل الطبقات الفقيرة , بدعم ومنح مالية لصيانة مساكنهم .
· اتخاذ نماذج إرشادية بأحد مقاطعات الدول المتقدمة لتحفيز باقي المناطق التي تعانى مشكلة إهمال صيانة المنازل بمشاركة الأهالي مع تقليص المنح الحكومية , والقيام بأنفسهم بأعمال الصيانة المبدئية بعد تدريبهم وتأهيلهم لذلك .
· استعانة تطوعية بكل الخبرات والمهارات في مجال صيانة المنازل .
· إنماء الوعي المعرفي بأهمية الصيانة وتأثيرها ومؤثراتها السالبة على حياة السكان في حالة إهمالها .
· اهتمام الدول المتقدمة بالإسكان لغير القادرين وابتكار أنظمة تطبيقية لخدمات إسكانية أفضل تعتمد على معلومات عن الإسكان, والأوليات لغير القادرين .
· مزيدا من برامج التطوير والتحسين للخدمات الإسكانية استرشادا بالدول المتقدمة .
· منظومة متكاملة للإصلاح والترميم والصيانة في برنامج الإسكان لغير القادرين .
· أولوية للطوارئ بالنسبة للصيانة لتدهور مفاجئ أو حالات عاجلة .
· حماية الأرواح والحفاظ على الثروة العقارية القومية , و سلامة المبنى طوال عمرة الإفتراضى بقوانين صيانة المباني السكنية بالدول المتقدمة .
· تخطيط وبرامج للحفاظ على المباني, وصيانتها .
· أعمال الإصلاح اتجهت بصفة عامة إلى المباني السكنية الأقدم .
· انتقال المسئولية إلى المستأجرين ببعض الدول المتقدمة بعد بيع الوحدات السكنية إليهم في الحفاظ على ممتلكاتهم وصيانتها بأنفسهم .
· التصميم البنائى والظروف المحيطة بالتشييد البنائى تؤثر على صيانة المباني السكنية .
3- تقييم التشريعات المنظمة لصيانة المباني السكنية
تم عمل دراسة شاملة وتحليلية لجميع التشريعات المنظمة لصيانة المباني السكنية بمصر بصفة عامة، مع التركيز على قانون العلاقة بين المالك والمستأجر بصفة خاصة, ومدى فاعليتها و سلبياتها .
قام الباحثون في هذه الدراسة باستعراض بعض التشريعات المنظمة لصيانة المباني السكنية بالدول العربية والأجنبية كلائحة شروط ومواصفات البناء ببلدية دبي ، ومشروع نظام البناء لمدينة " دمشق " ، و كود البناء ومفهوم الصيانة الشاملة : تجربة كود البناء السعودي، والمواصفات العامة لتنفيذ المباني بالمملكة العربية السعودية ، وقانون الإسكان الإسكوتلندى عام 2006.
وبعد دراسة التشريعات المصرية واستعراض التجارب الدولية تم التوصل لمجموعة من النتائج اتضح منها ما يلي :
3-1 القوانين المنظمة لصيانة المبانى المصرية :
· لم تنل الصيانة للمنشآت السكنية الاهتمام الكافي بالتشريعات والقوانين المنظمة لأعمال البناء ، وكادت تغيب تماما بدءا بالقانون رقم 106 لسنة 1976 والمعدل بالقانون رقم 101 لسنة 1996 الخاص بتوجيه وتنظيم أعمال البناء والقوانين المرتبطة به وانتهاء بالقانون المدني وقانون العقوبات ، بعيدا عن مفاهيم الصيانة ، والحفاظ على ثروة مصر العقارية ، وحماية الأرواح ، وعدم وضع صيانة المباني السكنية في الاعتبار إلا نتيجة خطر داهم وردود فعل لإصلاح طوارئ .
· الافتقار التام إلى قانون شامل لصيانة المباني السكنية في مصر يزيل كافة السلبيات للقوانين المصرية المنظمة للبناء التي أدت إلى كوارث الانهيارات والضحايا وإهدار للثروة العقارية.
3-2 التشريعات المنظمة لصيانة المبانى السكنية لبعض الدول العربية والأجنبية :
3-2-1 الدول العربية : يوجد في بعض الدول العربية التشريعات التالية الشاملة للصيانة :
· لائحة شروط ومواصفات البناء تتضمن مواصفات صيانة المباني السكنية (الإمارات العربية المتحدة) [13].
· مشروع نظام بنائي لكل مدينة ومنطقة (الجمهورية العربية السورية ) [15] .
· تشديد العقوبات على المخالفين ، وتصنيف المخالفات وفقا لنوعيتها ومنها الإخلال بسلامة المبنى صحيا أو إنشائيا ، والتعدي على حقوق الغير (الجمهورية العربية السورية ) .
· كود للبناء يتضمن الصيانة الشاملة ( المملكة العربية السعودية ) ، وتعتبر ثقافة الصيانة من أساسيات هذا الكود [8] .
· إدخال وتوصيف بنود التشغيل والصيانة والتدريب عليها بالمواصفات العامة لتنفيذ المباني بالجودة الشاملة ( المملكة العربية السعودية ) [17].
3 -2-2الدول الأجنبية : يوجد في بعض الدول الأجنبية كالمملكة المتحدة [20] تشريعات
وقوانين إسكان تضمنت بنود خاصة بالصيانة نذكر منها ما يلي :
· فرق عمل متخصصة لصيانة وتطوير وتحسين الإسكان .
· إعداد الاستراتيجيات الخاصة بخطط الصيانة وبرامجها وتوقيتاتها في مستويات الجودة المقررة .
· تسجيل المباني السكنية منذ المنشأ بوثائقها ومستنداتها وخرائطها ورسوماتها وتصميماتها وتصاريحها وكل ما يخص الصيانة ، وتيسيرات إسكانية من السلطات المحلية في شكل منح ، وقروض ، وقروض إضافية، ومساعدات تكنولوجية ومعلوماتية وإرشادية للترميمات والصيانة .
· سلطة المحليات ومسئوليتها في توفير البدائل السكنية المؤقتة والدائمة في حالة الاضطرار لإخلاء المساكن تجنبا لمخاطر الانهيارات ووفقا لمقتضيات الحال مثل إخلاء المساكن للإصلاح العاجل أو الآيل للسقوط .
· حق السلطة المحلية وملاك المساكن والشرطة دخول المساكن للتأكد من تنفيذ الصيانة بأنواعها المختلفة بالمباني السكنية .
· الارتقاء بالإسكان المتدني بصفة عامة والصيانة بصفة خاصة من قبل المحليات .
· تنفيذ متطلبات واشتراطات الجودة حفاظا وحرصا على المساكن ومواصفاتها في أعمال الترميم والصيانة للمباني السكنية .
· الالتزام القانوني بتنفيذ الإصلاحات والترميمات والصيانة وفقا للمستوى البنائى بمواصفاته واشتراطاته .
· مسئولية الملاك إصلاح وترميم وصيانة ممتلكاتهم السكنية وواجبات التنفيذ ، وعلى المستأجر تنفيذ ما يطلبه المالك من ملاحظات مشروعة وتنفيذ الصيانة في المدد المحددة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق