الثلاثاء، 15 يونيو 2010

حركة السياحة العربية الوافدة إلى مصر

لدراسة تطور حركة السياحة العربية أهمية كبيرة في التعرف على جوانب متعددة من شأنها أن تُرشد المخطط السياحي في وضعه للخطط السياحية ، فدراسة التطور تشتمل على دراسة أعداد السائحين، ولياليهم السياحية، وكذلك التعرف على معدلات نموهم، ويفيد ذلك في التعرف على سنوات الازدهار او الركود السياحي العربي وسنوات السياحي العربي كما أن الربط بين دراسة تطور السياحة العربية وبين العوامل التي أثرت فيها يعد من أكثر الأمور أهمية حتى يمكن تجنب العوامل التي تؤدي إلى انخفاض أعداد السائحين العرب – إذا كانت نابعة من داخل مصر – كما تساعد على التنبؤ بمستقبل الحركة السياحية ومن ثم تطوير كل الخدمات السياحية بالكم وبالكيف الذي يتلاءم مع طبيعة السائحين العرب.

أولاً نشأة السياحة العربية:

لقد تباينت الآراء حول نشأة السياحة بصفة عامة فالبعض يرى أن الإنسان سائح بفطرته، والبعض الآخر يرى أن أصحاب الحضارات القديمة عرفوا السياحة والسفر، وهناك رأى ثالث يرى أن السياحة بمفهومها الحالي ترجع نشأتها إلى القرنين التاسع عشر والعشرين. وعلى الرغم من هذا التباين في الآراء إلا أنه يمكن التمييز بين ثلاث مراحل رئيسية مرت بها السياحة خلال تطورها، ولكل منها خصائصها والعوامل التي أثرت فيها، وقد يكون من المفيد تناول نشأة وتطور السياحة العربية من خلال مناقشة نشأة وتطور السياحة العالمية وفيما يلي عرض لهذه المراحل.

1- السياحة العربية في العصور القديمة:

لقد عرف قدماء المصريين السياحة والسفر حيث كثرت الأعياد والاحتفالات الفرعونية ومن ثم كانت المراكز العمرانية التي تقام بها هذه الأعياد والاحتفالات تجذب إعداداً كبيرة من الأفراد ومن أمثلة هذه الأعياد : عيد الحصاد، وعيد شم النسيم، وعيد آمون، وعيد المصابيح وغيرها، وقد عرف القدماء المصريون أيضًا ما يمكن أن نسميه مجازًا بالسياحة الدينية التي تمثلت في زيارة المعابد لتقديم القرابين والتبرك بالكهنة، وعلى هذا يمكن القول بأن القدماء المصريين قد عرفوا نمطًا مبكرًا من السياحة الدينية

وقد قام قدماء المصريين أيضًا بالسفر عبر الحدود الدولية وكانت لهم علاقات تجارية مع الأقاليم المجاورة فقد تاجروا مع فينيقيا (لبنان الحالية) وكذلك أرسلوا البعثات التجارية إلى بلاد بنط (الصومال الحالية) كما جاء إلى مصر أمراء أسيا والأقاليم المجاورة لتقديم الهدايا لفرعون مصر وعلى هذا يمكن القول بان العلاقات المصرية مع فينيقيا وبلاد بنط هى علاقات مصرية عربية تضرب بجذورها في عمق التاريخ المصري، وبالفرض أن هذه العلاقات اقتصرت على انتقال التجار فقط فانه يمكن أن نعتبر ذلك نمطا قديمًا جدًا من سياحة الأعمال. ولم تقتصر رحلات الفينيقيين على مصر فحسب بل كان لهم دور هام فى تنشيط السياحة الدولية آنذاك حيث ركبوا البحر ووصلت رحلاتهم إلى شواطئ بريطانيا، كما كان للإغريق دورهم فى السياحة الجماعية حيث كانت الجماهير تنتقل من كل أجزاء الإمبراطورية الإغريقية إلى جبل أولمبيا لمشاهدة الألعاب الأولمبية.

ومن بعد الإغريق شارك الرومان فى دفع حركة السياحة الدولية إلى مرحلة جديدة حيث شاركت فيها الطبقات العليا والوسطى، وكان الرومان أول من مارسوا السفر من أجل المتعة والتنزه، وآنذاك ظهر أفراد يسافرون بإرادتهم إلى جانب التجار والجنود والموظفين الحكوميين الذين ازدحمت بهم طرق الإمبراطورية الرومانية ، ولكن بانهيار الإمبراطورية الرومانية فى القرن الخامس تدهورت السياحة بسبب تدهور الطرق، ونظام المواصلات، وخطر قُطاع الطرق

2- السياحة فى العصور الوسطى:

ولقد كان الدافع الديني وزيارة الأماكن المقدسة المحرك الأساسي للسياحة فى العصور الوسطى (Medieval Times or Middle Ages) وكان يقوم بهذه السياحة الدينية أعداد كبيرة من السائحين، وبنهاية العصور الوسطى كان هناك اعداد كبيرة من الحجاج يزورون الأضرحة ومقامات القديسين في أوربا وكانت الزيارات تتكرر لمقامات الشخصيات الدينية الهامة، وفى هذه الفترة كان السفر من اجل المتعة محدود للغاية.

وعلى الرغم من أهمية الدور الذي لعبه الأوروبيون فى هذه الحقبة الزمنية فى دفع عجلة السياحة الدولية، إلا أن الدور الذي لعبه العرب فى ذات الفترة لا يقل أهمية برغم التجاهل الملحوظ لدور العرب والذي أتضح جليًا من مطالعة المراجع الأجنبية.

ويمكن القول بأن الحركة المبكرة للسياحة العربية إلى مصر قد ظهرت فى العصور الوسطى، ولعل العوامل التي دفعت العرب للسياحة والسفر آنذاك سواء إلى مصر أو إلى غيرها من الأقطار:الازدهار الاقتصادي الذي بلغته الدولة الإسلامية، وحب الاستطلاع، والمغامرة، والرغبة فى تعلم أسرار العلوم الحديثة، وما كان يقدمه الحكام للرحالة من تشجيع ومساعدات ورعاية، ومن أكثر الأدلة على وجود نشاط سياحي مزدهر للعرب ما كتبه المؤرخون عن كثرة الفنادق والحانات والحمامات فى المدن العربية مثل القاهرة وتونس ودمشق وبغداد وسمرقند والأندلس.

ولقد ترك الرحالة العرب كتبًا كثيرة يصفون فيها الأماكن التي زاروها فيما يعرف بأدب الرحلات، والواقع أن كل من طالعوا هذه الكتب اقروا بأنها وصفًا مكانيًا دقيقًا ليس للعناصر الطبيعية فحسب ولكن أيضًا للعناصر البشرية، وليس أدل على ذلك من أن السياحيين الفرنسيين المتخصصين فى وضع كتب الإرشاد السياحي لمنطقة غرب أفريقيا الناطقة بالفرنسية لا يزالون حتى اليوم يعتمدون على المراجع العربية لإبراز عراقة وأصالة تلك المنطقة.

ومع ظهور الإسلام فى شبه الجزيرة العربية وانتشاره ظهرت أقوى حركة سياحية يدفعها العامل الديني فى العالم، حيث يتوافد على مكة المكرمة أعداد كبيرة كل عام لتصبح من أهم الاماكن المقدسة التي يقصدها الحجاج كل عام، ولقد كان للحج أثره فى حركة السياحة العربية إلى مصر فقد كانت مصر بحكم موقعها الجغرافي ممرًا للسائحين العرب القادمين من الدول العربية الإفريقية، ونظرًا لأن وسائل النقل التي كان يستخدمها العرب آنذاك بدائية وبطيئة كانت المدة التي يقضيها الحجاج العرب فى مصر مدة طويلة.

وكان للأزهر الشريف دور هام جدا فى جذب حركة السياحة العربية إلى مصر فكان يأتي إليه أعداد كبيرة من طلاب العلم من العالم الإسلامي عامة ومن دول الجوار الجغرافي العربية خاصة فيما يمكن أن نسميه بالسياحة الثقافية، وكان الطلاب القادمين من بلاد الشام والعراق والمغرب أكثر من الدول العربية الواقعة بالجزيرة العربية أو السودان. ومع وجود مصر تحت الاستعمار الإنجليزي فتحت أبواب مصر نحو العالم الأوربي ولاسيما انجلترا وفرنسا وذلك فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

3- السياحة العربية فى العصر الحديث:

وفى منتصف القرن التاسع عشر عرف العالم السياحة المُنظمة وكانت مصر من المناطق السياحية المهمة فى العالم. ولكن توقف المد السياحي بسبب قيام الحربين العالميتين الأولى والثانية، إلا أنها نشطت لمدة خمسة عشر عامًا فيما بين الحربين.

وتعد الفترة بين عامي 1945 و1950 فترة استعادة التوازن بعد الحرب العالمية الثانية خاصة لقارة أوربا التي تعد المصدر الأول للسياحة فى العالم، حيث استعادت البناء والتعمير وأزالت آثار التخريب على اثر الحرب العالمية الثانية.وعلى هذا فان التاريخ الحقيقي للسياحة المنظمة بالمعنى الحديث بدأ فى عام 1950 حيث بلغ حجم حركة السياحة الدولية (25) مليون زيارة سياحية وبلغ حجم الإنفاق السياحي (2.5) بليون دولار أمريكي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق