الثلاثاء، 8 يونيو 2010

سوق الصكوك

قطر وحدها تدرس اللجوء إلى سوق الصكوك لتمويل ما يصل إلى 60 مليار دولار من مشروعات الطاقة مع أنها بدأت متأخرة في الظهور فإنها دخلت ميدان المنافسة بين مجموعة أدوات الاستثمار التقليدية، فهل تصمد الصكوك الإسلامية، وتصنع لها مستقبلا قادرا على جذب المزيد من العملاء إلى سوقها؟!
الصكوك الاسلامية هي احدى ادوات الاقتراض الشرعية التي كثر الحديث عنها، في تأكيد واضح على ان الاسلام لم يكن يوما ما عائقا في وجه النمو الاقتصادي، لكن عقول المسلمين المعطلة هي التي جعلتهم في مؤخرة الركب! والصكوك الاسلامية تصدر مقابل اصول، وغالبا ما تكون عقارية او اصول اوراق مالية ذات عائد، وبالتالي ضماناتها اكبر من الصكوك التقليدية، وللوقوف على حقيقة الصكوك الاسلامية ووجهها الشرعي، وللتفريق بينها وبين الادوات الاستثماري ة الاسلامية كان لـ«الجريدة » هذه اللقاءات الخفيفة مع بعض رجال الاقتصاد الكويتيين:
الصكوك والسندات
الرئيس التنفيذي لشركة رساميل للهيكلة المالية الاسلامية عصام زيد الطواري قال: لا الفرق بين الصك والسند إلا أن الاول يتيح المجال امام المصدر ان يسترد جزءا من المبلغ على دفعات خلال فترة عمر التمويل.
واضاف الطواري ان الصكوك الاسلامية سيكون لها حضور قوي إذا ما تم ايجاد البنية التحتية لها أي من ناحية التشريعات الخاصة والناظمة لها.
ولفت الى ان ماليزيا، التي ضمت لاعبين كبارا متمرسين في هذا المجال، أوجدت الارضية المناسبة حتى أضحت الصكوك احدى اهم ادوات الاستثمار فيها.
واشار الى ان الصكوك ستجد طريقها الى النجاح في منطقة الخليج العربي اكثر من اي منطقة اخرى، بالنظر الى حجم السيولة الكبير العاملة داخل هذه المنطقة.
متوسط نمو الصكوك 5 - 35% عالمياً
من جهته، توقع رئيس مجلس ادارة شركة دار الاستثمار عدنان المسلم أن يشهد سوق الصكوك العالمي معدل نمو يتراوح ما بين 5 – 35% لا سيما في منطقة الخليج العربي، لافتا الى ان حكومات الخليج لديها فوائض مالية كبيرة في ظل ارتفاع اسعار النفط.
ووصف المسلم الصكوك بأنها أداة استثمارية ناجحة في الحاضر والمستقبل بالنسبة الى الصناعة الاقتصادية الاسلامية.
من جانب آخر، قال المسلم ان العالم في الوقت الراهن لديه شهية كبيرة في الاقبال على الصكوك، مشيرا الى ان بعض البنوك الاجنبية افصحت في غير محفل عن رغبتها في التعامل بالصكوك الاسلامية.
واضاف ان من الاسباب التي دعت البنوك الاجنبية الى التوجه نحو التعامل مع الصكوك الاسلامية وجود عملاء لديها عندهم الرغبة في التعامل بالادوات الاستثماري ة الاسلامية.
وبين ان حصة الصكوك للسوق تشير الى انها تسير بخطا سريعة، وان كانت في بدايتها وهو امر آخر كان دافعا لتوجه البنوك الاجنبية نحو الاهتمام بها.
الصكوك مستقبل الصناعة المالية الإسلامية
والتقت «الجريدة» رئيس وحدة الاقتصاد الاسلامي في كلية العلوم الادارية بجامعة الكويت الدكتور محمد امين القطان، حيث قال: خلال السنوات الأخيرة بدأ المتخصصون في المجال المالي على نحو متزايد يسمعون بالمؤسسات المالية الإسلامية والمنتجات الاستثماري ة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وأخذوا يتسابقون للتعامل معها، وغدت مصطلحات-مثل المرابحة والمضاربة والصكوك- تتوارد على نحو متواتر في الصحف ذات العلاقة مثل «فايننشال تايمز»، و«وول ستريت جورنال» وغيرهما، ومن بين المصطلحات التي تحظى بالقدر الأكبر من التساؤلات ما يعرف بالسندات الإسلامية أو الصكوك، فما هي الصكوك؟ وما الفارق بين الصكوك التقليدية والصكوك الإسلامية؟
وبين ان الصك يمثل نسبة غير مقسمة في ملكية أصل ما (عمارة - باخرة - طائرة)، وما يرتبط بها من حق الدخل المنتظم المتولد من ذلك الأصل، وتتم هيكلة تلك الدخول المنتظمة على شكل أوراق مالية قابلة للتداول، يتم إصدارها في أسواق المال، وهناك أربعة عشر نوعاً مختلفاً من الصكوك، كما بينت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، إلا أن أكثر أنماط هيكلة الصكوك شيوعاً هو ما يطلق عليه صكوك الإجارة، والتي تقوم على معاملات تأجير إسلامية، ويتمحور هذا الهيكل حول شهادة قابلة للتداول ذات عوائد ثابتة تستمد من دخل الإيجار في مقابل الفائدة (أي مقابل استخدام الأصل)، وكنتيجة للهيكلة المشار إليها أعلاه، فإن الصكوك لا تمثل ديناً يستحق من قبل المصدر لحامل الشهادة، كما هي الحال للصكوك التقليدية ذات الفائدة، بل تمثل الصكوك في المقابل حصة مشاعة في ملكية أصول متاحة للاستثمار، سواء كانت تلك الأصول أصولا غير مالية، أو منافع، أو خدمات أو مزيجا من ذلك كله.
واشار الى ان من أهم الفوارق بين الصكوك الإسلامية والصكوك التقليدية هو أن مالك الصكوك الإسلامية يشارك في العائد، بالإضافة إلى إمكان تعرضه للخسارة بالتناسب مع الشهادات التي يمتلكها، إلا أنه ينظر إلى الصكوك باعتبارها تعكس صيغة المخاطر/العوائد من الصكوك التقليدية، والأصول، والدخول المنتظمة المتولدة عنها، والمستخدمة في التأكيد على أمان الصكوك. ويمكن تداول الصكوك عبر أي من الوسائل المعروفة، ما دامت الآلية غير متعارضة مع أحكام الشريعة الإسلامية. وبناء عليه، يمكن تداول الصكوك مادياً، وإلكترونيا ً أو عن طريق التسجيل، وفي حالة الصكوك المتداولة يسمح للمصدر أن يشتري بالقيمة السوقية أي شهادة يتم عرضها، إلا أنه من غير المسموح بالنسبة الى المصدر أن يتعهد بشراء الصكوك بقيمتها الاسمية.
ومن المسموح بالنسبة الى المصدر أو حملة الشهادات تطبيق طرق مشروعة في إدارة المخاطر، والحد من تقلبات الأرباح الموزعة (احتياطي معادلة الأرباح)، على أنه لا ينبغي أن يحتوي المنظور على أي إشارة تؤدي إلى قبول مصدر الشهادة لمسؤولية تعويض مالك الشهادة حتى حدود القيمة الاسمية للشهادة في مواقف غير الإضرار والإهمال، أو أن يضمن نسبة ثابتة من الفائدة، ويرجع السبب في هذا إلى أن من أهم المفاهيم الأساسية في كل المنتجات الاستثماري ة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية هي مشاركة من يقدم رأس المال، ومن بحاجة إليه في مخاطر الاستثمار، وأنه لا يوجد منتج إسلامي مالي ذو عائد مضمون بشكل كامل.
وقال القطان وبالنظر إلى انخفاض مخاطرها، فإن الصكوك ستلعب دوراً غاية في الأهمية في محفظة المستثمر الإسلامي، ذلك أن نماذج تخصيص الأصول الغربية التقليدية كتلك المستخدمة من قبل مستثمري المؤسسات أو في إدارة الثروات الخاصة، إنما تخصص جزءاً كبيراً من محفظتها للمنتجات منخفضة المخاطر، وذات الدخل الثابت، وفي المقابل كان المستثمرون الإسلاميون ، قبل التطوير الأخير لمنتج الصكوك، يحظون بقدر محدود من الخيارات فرضت في جوهرها اعتماداً زائداً على طبقة الأصول ذات المخاطر الأكبر مثل الأوراق المالية الإسلامية أو صناديق العقار الإسلامية، ومع ظهور فئة الأصول منخفضة المخاطر، والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية، ينبغي أن تشكل الصكوك أساساً لأنماط تخصيص الأصول المستقبلية من قبل المستثمرين الإسلاميين في المستقبل، وكنتيجة لهذا، فإن مستقبل الأسواق المالية الإسلامية سوف يتمحور حول تطوير سوق صكوك سائلة نشيط. فالمؤسسات المالية تلعب بالفعل دوراً غاية في الأهمية من خلال خلق سوقٍ موازٍ للصكوك يشكل عنصراً تكاملياً للتطوير الإجمالي لسوق الصكوك.
أرقام ضخمة لشركات كبرى
على الصعيد نفسه، قال رئيس مجلس ادارة الشركة الكويتية اللوجستية لخدمات الشحن محمد سلطان ان زحمة السندات التقليدية ستبقى منافسا قويا امام الصكوك الاسلامية، وإن كان ثمة توجه لدى الكثير من الشركات التي تعنى بتلك السندات نحو استغلال بوابة الصكوك الاسلامية، وهي إن فعلت ذلك فإنما تفعله ابتغاء ارضاء العملاء وكسب المزيد منهم ليس أكثر.
ولفت الى ان حجم خطط بعض الشركات الكبرى التوسعية يشجعها على السعي وراء مصادر جديدة للتمويل، لافتا الى ان «أرامكو» السعودية وحدها تعتزم انفاق ما لا يقل عن 50 مليار دولار في السنوات القليلة المقبلة، في حين كان وزير الاقتصاد القطري قال ان بلاده تدرس اللجوء الى سوق الصكوك الاسلامية لتمويل ما يصل الى 60 مليار دولار من مشروعات الطاقة بحلول عام 2010، بينما تقول الكويت انها تحتاج الى استثمار 64 مليار دولار على الاقل في السنوات المقبلة لتطوير صناعة الطاقة وتعزيز طاقة انتاج النفط.
واقع الحال
واشار سلطان الى ان تحليلا من «موديز انفستور سرفيس» أكد ان منتجي الخليج يمكنهم الاقتراض بأسعار رخيصة جدا في الاسواق العالمية.
لكنه لفت الى أن الحجم الضخم للمشروعات المعلنة سيكون أكثر من أن تستوعبه البنوك الدولية والاقليمية ، ومن ثم سيكون عليها استغلال أسواق رأس المال الاوسع في مرحلة ما.
وتعني السيولة الفائضة وزيادة الطلب في الخليج على استثمارات متوافقة مع الشريعة الاسلامية أن الصكوك قد تصبح طريقة رخيصة نسبيا لتمويل الشركات.
وأشار الى انه في يناير الماضي تلقت مؤسسة موانئ دبي طلبات اكتتاب بقيمة 11.4 مليار دولار على صكوك قابلة للتحويل بقيمة 3.5 مليارات دولار في أكبر اصدار من الصكوك الاسلامية على الاطلاق، لافتا الى انه تمت تغطية أول اصدار صكوك في السعودية، وهو طرح بقيمة 800 مليون دولار من الشركة السعودية للصناعات الاساسية (سابك) بزيادة كبيرة قبل اغلاقه في يوليو.
ويتوقع مركز دبي المالي العالمي، الذي يطور نظاما من صناع السوق لتشجيع تداول الصكوك، أن تقفز قيمة الاصدارات الى 100 مليار دولار في غضون خمس سنوات من 13 مليار دولار حاليا، وقال المركز ان معظم النمو سيقوده مصدرو النفط في الخليج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق