الثلاثاء، 8 يونيو 2010

شركة عقارية تتحدّى القانون وتواصل بناء عقار سكني

في قلب مدينة المنستير انتصبت عمارة سكنية ذات ستة طوابق متحدية قرارات قضائية وتقارير صادرة عن خبراء تدعو الى ايقاف الأشغال لمخالفته للقوانين.

سكان الأحياء المجاورة بعد استنفاذهم لشتى الوسائل القانونية التي لم تجد نفعا، بدأوا يضيقون ذرعا لعجزهم عن تنفيذ قرارات قانونية وتساءلوا: أين هي دولة القانون والمؤسسات؟

في منطقة سقانص بالمنستير، بلغت عملية تشييد عمارة سكنية ذات طابق سفلي مخصص لمأوى السيارات وطابق أرضي وثلاثة طوابق علوية، طورها الأخير، وبدت على واجهة العقار اللمسات الأخيرة من مرحلة الطلاء والتزويق، والظاهر أن الفضاء أصبح صالحا للبيع أو الكراء لفائدة الراغبين في ذلك، الا أن خلف تشييد تلك البناية قصة محملة بانتهاكات قانونية واجرائية.

العقار في الأصل كان على ملك السيدة جليلة بوقديدة، تقدمت سنة 2005 بطلب رخصة بناء عمارة سكنية، وفي 12 سبتمبر 2005 وجه المدير الجهوي للتجهيز والاسكان الى رئيس بلدية المنستير اعتراضا على طلب الرخصة، موصيا بضرورة احترام صبغة المكان السكنية التي لا تسمح ببناء عمارة وبضرورة احترام مثال التهيئة العمرانية وكذلك الأحكام والتراتيب ذات الصلة.

وفي شهر ديسمبر 2005، تم تمكين السيدة جليلة بوقديدة من رخصة بناء طابق سفلي وطابق أرضي وثلاثة طوابق علوية فقط، الا أن السيدة جليلة قررت في آخر المطاف التفويت في عقارها لفائدة طرف آخر، حيث قامت في 28 سبتمبر 2006 ببيع المقسم الراجع لها موضوع رخصة البناء لفائدة احدى الشركات العقارية التي شرعت في البناء بموجب الرخصة المذكورة.

وفي موفى سنة 2006 ثبت بمعاينة عدل منفذ أن الشركة المذكورة تجاوزت العلو المسموح به وذلك بتشييدها طابقين آخرين، مخالفة لما ورد في رخصة البناء خرقا لمسافة التراجع مما دفع عددا من الأجوار الى التظلم لدى الدائرة البلدية بسقانص التي اتخذت يوم 19 جانفي 2007 قرارا بلديا بإيقاف الأشغال، كما قررت لجنة رخص البناء ببلدية المنستير المجتمعة يوم 23 فيفري 2007 عدم الموافقة على مطلب سبق أن تقدمت به الشركة العقارية قصد تسوية وضعية البناء المخالف وطلبت منها احترام الرخصة المسلمة.

غير أن الشركة العقارية رفضت الانصياع لتلك القرارات وواصلت عملية البناء، وهو ما أكده محضر عدل منفذ، كما تم في شهر ماي 2007 وتحرير محضر في تمادي الأشغال وقرار هدم من طرف رئيس الدائرة البلدية بسقانص أحيل على رئيس بلدية المنستير للمصادقة عليه. ولكن ذلك لم يحصل وتمادت الشركة بتزكية صامتة من بلدية المنستير في البناء وبناء الطابق السادس.

وفي 25 ديسمبر 2007 اشتكت احدى المتساكنات المقيمات حذو العقار الى المحكمة التي استصدرت قرارا قضائيا استعجاليا في ايقاف الأشغال لكن الشركة لم تذعن له.

بيد أن الأمور تطورت وأخذت بعدا مثيرا عند قيام بلدية المنستير في شهر جانفي 2008 بتسليم الشركة رخصة في الأشغال "Autorisation d’occupation" في حين أن الحضيرة لازالت تعمل والأشغال مستمرة والبناء مازال غير صالح للسكن، وشهادة مطابقة للأشغال "Certificat de conformite des travaux"، في حين أن الأشغال مخالفة ودون رخصة قانونية، وما بُني فيها برخصة لم يحترم مسافة التراجع.

اضافة الى جملة الانتهاكات الصارخة للقانون، يتذمر الأجوار الغاضبون من الحظوة التي تحظى بها هذه الشركة في بناء هذا العقار بمثل هذا الارتفاع وسط حي سكي غير مهيئ له لأن الجهة الجنوبية من الطابقين الرابع والخامس من العمارة تفتح نوافذها مباشرة على عدد من مساكن الأجوار، وأنه لم يقع احترام مسافة التراجع بجميع الطوابق العلوية في البناية المذكورة مثلما يفرضه القانون.

وأثبت تقرير خبير أنه بقيس مسافة التراجع الموجودة بالنسبة للحد الفاصل مع عقار أحد الجيران المشتكين، تبين أنها تتراوح بين 8.30 امتار من الجهة الغربية و10.60 امتار من الجهة الشرقية، وهذه المسافة تسمح ببناء طابق أرضي ومن ثلاثة الى أربعة طوابق علوية، مما يعني أن مضرة الكشف التي تزيد عن المسافة القانونية مصدرها نوافذ الطابقين الخامس والسادس والسطحي الموجودين بهما مما يعني أنها لم تُحترم فيها مسافة التراجع القانوني.

لنوجه أسئلة في آخر المطاف الى الجهات المعنية عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء عدم احترام القوانين وتنفيذها لفائدة أصحابها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق